آ-الزواج:
كان يتم عقد الزواج بعيداً عن رغبة الفتاة، ودون اشتراط لسنها ولا تحديد لمهرها، وحاول النهضويون أن يربطوا بين صحة العقد والوقوف عند رغبة الأنثى رفضاً أو قبولاً، ولم يولوا اهتماماً كبيراً لأمر السن أو المهر.
[size=12]ب-تعدد الزوجات:
[size=12]ذهب الإمام محمد عبده تحت تأثير الصورة الشائهة الفاسدة التي انتهت إليها الرخصة القرآنية حول الموضوع إلى إلقائه إلقاء تاماً اعتماداً على مبدأ فقهي هو "درء المفاسد مقدم على جلب المنافع" ويبدو لي أن الإمام كان ينحو في ذلك منحى المعتزلة.
[size=12]ج-الطلاق:
[size=12]قيد الطلاق ضمن شروط وحدود منها مرض الزوجة الذي ليس له برء، وإخبارها بذلك حتى لا تصل إليها ورقة الطلاق وهي آخر من تعلم، ثم رأوا ألا يتم إلا بوجود شهود.
[size=12]د-التربية والتعليم:
[size=12]حُدد التعليم في إطار فقه الدين والتربية البيتية، وإعداد الفتاة لتكون زوجاً صالحة وأماً صالحة، وحددوا الشهادة بالابتدائية على الأكثر، والمناهج بما ينفع الفتاة في أسرتها، والمكان بما يلائم حجابها حتى لا ترى ولا تُرى، فالاختلاط لديهم أمر منكر، أو لم يحن أوانه.
[size=12]هـ-الحجاب:
[size=12]من المعروف أنه اصبح للحجاب ثلاث دلالات متشابكة حجاب البيت وحجاب الشارع أو الزي وحجاب الرأس والوجه، وقد رفض الجميع السفور الكامل وأسموه بالتبرج، ونادوا بالحجاب الشرعي، ومثلوا له بلباس الفلاحة.
[size=12]و-الحقوق:
[size=12]فيما يتعلق بالعمل أجازوا العمل الاجتماعي البسيط ورفضوا العمل السياسي والوظائف العامة، وذهب الطاهر الحداد وحده إلى أنه لا يوجد في الشرع ما يمنع التساوي في الإرث، ورأوا جميعاً في المساواة بين الجنسين مبدأً قرآنياً، إلا أن رأيهم هذا ظل على مستوى التنظير أو الشعار، ولم يستطيعوا تحويله إلى مستوى الفعل والتطبيق، وكثيراً ما كانوا يحتجون للتباين بالفروق الطبيعية ومهمات الذكورة والأنوثة وبمفهوم القوامة والقدرة على الإنفاق.
[size=12]رابعاً- وجوه من المتباينات:
[size=12]في النماذج التي اخترناها للدراسة، وهي قاسم أمين ونظيرة زين الدين والطاهر الحداد، كممثلين لموقف عصر النهضة من قضية المرأة، نجد بعض المتباينات والاختلافات في وجهات النظر، تعود في معظمها إلى الإطار المعرفي للباحث، ومدى تأثره بهذا المنطلق أو ذاك، من التراث والوافد الغربي وحركة الواقع، كما تعود إلى الزمان الذي قيل فيه الرأي والمكان الذي ضمه.
[size=12]أولاً- قاسم أمين:
[size=12]ألف قاسم أمين ثلاثة كتب عرض فيها موقفه من قضية المرأة، والرأي الشائع عنه مأخوذ من كتابه الثاني تحرير المرأة، ويبدو أنه ليس رأيه في جميع الكتب، لقد تطور هذا الرأي عبرها حتى وصل إلى النقيض. في كتابه "المصريون" الذي ألفه بالفرنسية عام 1894، ولم يترجم إلى العربية إلا في عام 1976، وجاء رداً على كتاب الدوق الفرنسي داركور، الذي ربط فيه بين موقف الإسلام ووضع المرأة المشين. فدافع قاسم عن منزلة المرأة المسلمة، في مواجهة منزلة المرأة الغربية، ووازن وقارن وضعاً وسلوكاً وقيمة. وانتهى إلى آراء سيرفضها نفسه في كتابه الثالث، والتسويغ الوحيد المقبول لذلك أنه كان في موقف الدفاع عن الذات. فدافع دفاعاً عاطفياً إزاء قضايا غير مقبولة من الوجهة المنطقية أو الواقعية، لذلك ظلت آراؤه في هذا الكتاب مطموسة في اللغة التي كتب بها حتى ظهرت في الآونة الأخيرة.
[size=12]في كتاب تحرير المرأة الذي ظهر عام 1899 بدأت أفكار الإصلاح تسفر عن وجهها، وهي أفكار لا تخرج عن الإطار العام الذي تحدثنا عنه في محاور القضايا ولكن الشيء اللافت هنا أن الناس ادعوا أنها أفكار الأستاذ الإمام جاءت على لسان قاسم، ومهما يكن من صحة هذا الادعاء فإنه يدل على مبلغ الاتفاق حول موقف موحد بالنسبة إلى قضية المرأة، بحيث يمكن أن ينسب الرأي الواحد إلى هذا النهضوي أو ذاك. أما في الكتاب الثالث المرأة الجديدة الذي ظهر عام 1900- 1901 فإن قاسم أمين ينفلت من السرب ليتجه في حديثه عن المرأة وجهة أخرى تنقله إلى حيز التغريب والفكر الغربي، وفي هذا الكتاب يقف على النقيض من أطروحاته التي قدمها في كتابيه السابقين فهو يدافع عن الغرب وعن حضارته، ويعده الأنموذج الأوحد للتمدين والرقي، ويرى أن الدين ليس كل شيء في هذه الحياة، وينتهي إلى المطالبة بالسفور الكامل للمرأة ويزعم أنه الطريق السديد لإدخال المرأة في العصر.
[size=12]هذا التباين في المواقف إزاء وضع المرأة لا يمكن أن نعده مجرد تطور فالفاصل الزمني بين الكتب قليل وإنما يمكن أن نعده مجرد ردود فعل عاشها الرجل، فالكتاب الأول جاء رد فعل ضد اتهام داركور للإسلام، والكتاب الثاني جاء رد فعل ضد الوضع القائم الذي آل إليه وضع المرأة، والكتاب الثالث جاء رد فعل ضد الاتهامات التي كيلت له من المحافظين، إزاء ما طرحه من قضايا نسوية في كتابه الثاني، ولم يكن رد الفعل هذا لديه سوى التمادي في الدعوة إلى التحرير، واختار لهذا التحرير طريق التغريب وهو عكس ما اختاره في الكتاب الأول.
[size=12]ثانياً-نظيرة زين الدين:
[size=12]حتى ندرك أهمية الكتاب وصدى الفعل أو رد الفعل الذي لاقاه لابد أن نقف عند المرحلة التي صدر فيها وجو الصراع الفكري الذي كتب فيه عام 1928.
[size=12]شهدت السنوات الأخيرة من عشرينات القرن في القطرين السوري واللبناني على صفحات الجرائد والمجلات وفي أروقة المقاهي والمؤسسات والمنتديات وحتى في الشارع العام صراعاً بين القديم والجديد انعكس في صورتي صراع بين رمزين من اللباس لباس الرجل وكانت حدود الصراع فيه بين الطربوش والقبعة ولباس المرأة وكانت الحدود فيه بين السفور والحجاب، وكان من جراء هذا الصراع أن ألفت كتب ونسبت أحاديث قديمة أو جديدة إلى الرسول وارتفعت أقوال وأحكام فقهية وصدرت اتهامات مؤلمة عن هذا الطرف أو ذاك ضد السفور أو معه، فمن الكتب التي صدرت في مصر والشام نجد العناوين الآتية:
[size=12]السيف البارق في عنق المارق، تنبيه الغافلات من النساء المتبرجات، فصل الخطاب في أحكام المرأة ووجوب الحجاب، فصل الخطاب في تحرير المرأة ورفع الحجاب، السنة والكتاب في حكم التربية والحجاب، نزهة الطلاب في تعليم المرأة ورفع الحجاب، منافع الحجاب، بيان مشروعية الحجاب، الدفع المتين في الرد على قاسم أمين، الاحتجاب.
[size=12]ومن الأحاديث التي شاعت على الألسنة نستمع إلى مثل هذه الأقوال:
[size=12]احبسوا النساء في البيوت، ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء، المرأة عورة، النساء حبائل الشيطان... الخ.
[size=12]ومن الأحكام الققهية التي صيغت أو أعيدت صياغتها نعثر على هذه الآراء القاطعة: قلامة ظفر المرأة عورة يحرم النظر إليها، إذا قرع باب المرأة ينبغي ألا تجيب بصوتها الطبيعي بل تغلظه مخافة الفتنة وذلك بأن تجعل ظهر كفها على فمها وتجيب... الخ.
[size=12]ومن الاتهامات التي كيلت ضد السفوريين تصك آذاننا مثل هذه المسبات والشتائم: الحجاب مما امتاز به الإنسان على الحيوان، وخصت به المرأة دون الرجل، إن السفور يجلب الفرقة ويقطع النسل ويجلب العقم، من قبل السفور ضاع نسبه وتعدى اللئيم على عرضه، إن السفوريين يريدون أن يكونوا كلاباً، وأن تكون نساؤهم مشاعاً.
[size=12]في هذا الجو الملبد والمتفجر صدر كتاب نظيرة زين الدين "السفور والحجاب" وعنوانه الفرعي "تحرير المرأة والتحديد الاجتماعي" ليزيد دوائر البلبلة اتساعاً، فما أن قرئ الكتاب الذي كتبته هي حقاً أو نسب إليها حتى ذاعت الاتهامات.. الكتاب ليس لها وإنما صاغه قلم مستشرق في إحدى السفارات الأجنبية، كاتبة الدراسة لا تخرج عن كونها عميلة من عملاء الاستعمار، ومست الاتهامات العرض والشرف كما مست دين المرأة، وربما كانت المؤلفة –أو المؤلف- تتوقع ذلك فبينت في مقدمة كتابها أنها مسلمة سنية، ورددت الشهادتين غير مرة. وبغض النظر عن كون الكتاب لها أو لغيرها من المتدينين المستنيرين –فإن البحث يتتبع قضية السفور والحجاب عبر التاريخ، ويحدد حجج كل فريق، وينتهي إلى إيثار السفور ويأخذ حجته في ذلك من القرآن والعقل، ويقولها صريحة واضحة "أطالب بتحرير المرأة وبالسفور لأن السفور مقترن بالعلم وبالحرية أما الحجاب فمقترن بالجهل والعبودية".
[size=12]من هنا كان رد الفعل العنيف ضد الكتاب لأن كاتبته امرأة مسلمة ولأنه دافع عن السفور من خلال المرجعية التي يتخذها المحافظون سلاحاً لهم وسنداً، أجل فالقرآن أعطى هؤلاء فرصة للتمسك أو للتأويل فاتخذ كل فريق طريقة في الاجتهاد سدداً.
[/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]