خرجت أروى مع أمها إلى السوق لتشتري لها
ثوباً جديداً، وما إن دخلتا أول محل حتى بادرت أروى فألقت السلام على من
كان في المحل قائلة: السلام عليكم ورحمة الله!
نظرت الأم نظرة فهمت منها أروى إنكارها عليها إلقاءها السلام.
قالت الأم وهيَ تُري ابنتها أحد الأثواب (هذا جميل وأحسبه
لائقاً.. ولكنه صغير عليك)! عندها التفتت أروى إلى البائع تسأله: هل عندكم
قياس أكبر من هذا؟ زجرتها أمها لسؤالها البائع قائلة: اسكتي؛ أنا أسأله.
بعد خروجهما من المحل سألت أروى أمها: لماذا أنكرت عليَّ يا أمي إلقائي السلام ثم أنكرت سؤالي البائع عن قياس أكبر للثوب الذي أعجبك؟
أجابتها أمها: هداك الله يا ابنتي، ما كان ينبغي لك أن تلقي السلام ولا أن تتكلمي مع البائع.
قالت أروى: أليس إلقاء السلام واجباً يا أمي؟
ردت أمها: إلقاء السلام ليس واجباً يا ابنتي؛ بل رده هو الواجب.
ثم إن هذا بين الرجال والرجال، وبين النساء والنساء، أما
بين النساء والرجال فقد منعه بعض الفقهاء وأجازه بعضهم لكبيرات السن
العجائز مثل أمك.
ابتسمت أروى، ثم سألت أمها من جديد: ولِمَ أنكرت عليَّ سؤالي البائع إن كان هناك قياس أصغر للثوب؟
أجابتها أمها: أولاً لأنك طرحت سؤالك برقّة بالغة ونعومة زائدة وهذا خضوع بالقول نهى الله عنه.
سألت أروى: وثانياً؟
قالت أمها: ما دمت معك فإنك لا تحتاجين إلى سؤال البائع عن أي شيء، وتستطيعين أن تطلبي منّي ما تريدين لأسأل عنه البائع.
وبعد يا ابنتي، فقد كانت أم أروى على حق، إذ ما كان لأروى
أن تلقي السلام، وما كان لها أن تكلم البائع، وحتى إذا اضطرت إلى الكلام،
ولو مع والدتها، فإن عليها أن تبعد الرقة والنعومة عن صوتها وأن تخفضه حتى
يصير همساً أو قريباً من الهمس، كي لا يسمع صوتها من في المحل من الرجال.
ومن الحكمة في ذلك الوقاية من أن يتبع السلام كلام والكلام
تعارف وغيره مما يؤدي إلى الفتنة. يقول القرطبي رحمه الله (وأما التسليم
على النساء فجائز إلا على الشابات منهن خوف الفتنة من مكالمتهن بنزعة
شيطان أو خائنة عين).
وفقك الله يا ابنتي إلى الصواب، وأبعدك عن الفتنة وأسبابها ومزالقها، وحفظك من كل سوء.