الاستاذ كمال المدير العام
لمُسَــاهَمَـــاتْ : 5428 العمر : 44 تاريخ التسجيل : 07/05/2008
| Subject: تحذيرُ العُقلاءِ من التّعلّقِ بالأولياءِ Thu 8 Oct أƒ 23:23 | |
| تحذيرُ العُقلاءِ من التّعلّقِ بالأولياءِ خطبةُ جمعةٍ ( مُفرّغةٌ )
الخطبةُ الأولى
إنّ الحمدَ لله ؛ نحمده ، و نستعينه ، و نستغفره . و نعوذُ بالله من شرورِ أنفسنا ، و من سيّئاتِ أعمالنا . مَن يهدِهِ اللهُ فلا مُضلّ له ، و مَن يُضلِل فلا هادي له . و أشهدُ أن لا إله إلاّ الله - وحده لا شريكَ له - ، و أشهدُ أنّ محمّدًا عبده و رسوله .
أمّا بعد :
فإنّ أصدق الحديث كلام الله - عزّ و جلّ و علا - ، و خيرَ الهدي هديُ محمّدٍ - صلّى اللهُ عليه و على آله و سلّم - ، و شرَّ الأمورِِ محدثاتها ، و كُلَّ مُحدثةٍ بدعة ، و كُلَّ بدعةٍ ضلالة ، و كُلَّ ضلالةٍ في النّار .
أمّا بعد :
فإنّ الله - سبحانه و تعالى - يقول : (( فاعلم أنّه لا إله إلاّ الله و استغفر لذنبك )) .
و يقول - سبحانه و تعالى - - أيضًا - : (( و قضى ربُّك ألاّ تعبدوا إلاّ إيّاه و بالوالدين إحسانًا )) .
و يقول - عزّ و جلّ و علا - - أيضًا - : (( و ما أمروا إلاّ ليعبدوا الله مُخلصين له الدّين حنفاء و يُقيموا الصلاة و يؤتوا الزّكاة و ذلك دين القيّمة )) .
و يقول - سبحانه و تعالى - : (( ألا لله الدّينُ الخالص )) .
و لكنّه - مع الأسف الشّديد - قد انحرف ناسٌ من المُنتسبين لهذا الدّين عن هذا الطريق المستقيم المُبين ؛ فخالفُوا هَدْيَ المُرسَلين و المُوحِّدين ، و وقعوا في الشّرك باللهِ ربّ العالمين ؛ فتراهم يتعلّقون بالأولياء ، و ينذرون لهم النّذور ، و يطوفون حولَ أضرحتهم و القُبور ، و تراهم يعتقدون فيهم العقائدَ المُنحرفة ، و يصرِفون لهم أنواعَ العباداتِ المختلفة .
فمِنْ قائلٍ بإسقاط التكاليف عنهم !
إلى قائلٍ بأنواعٍ من الكرامات الخياليّة !
إلى غير ذلك من كل بليّةٍ و رزيّة !
فكان حقًّا على أهل السّنّة و أصحاب التّوحيد أنْ يُدافعوا عن هذا الدّين التّليد ، و أنْ يُبيّنوا للنّاس منهجَ ربّهم ، و طريقَ صِدقهم . .
فإنّ الأولياء حقّ ، و لا يُنكرُ ذلك إلاّ مَن جادل في ثبوت الصّدق .
يقول ربُّنا - سبحانه و تعالى - : (( ألا إنّ أولياء الله لا خوفٌ عليهم و لا هم يحزنون الّذين آمنوا و كانوا يتّقون )) .
و لكنّ البحث كُلّهُ و الشّأنَ كلّهُ مُنْصَبٌّ على معرفة الوليّ من غيره ، و مُنْصَبٌّ على معرفة ما ينبغي له ممّا لا يجوز صرفُه له و إليه . .
فإنّ الوليّ - يا عبد الله - : هو كُلُّ مؤمنٍ تقيّ ؛ فإنّ الله - عزّ و جلّ و علا - لم يترُكْ وصْفَ الأولياء مُهْملا ؛ بل قال - سبحانه - : (( إنّ أولياء الله لا خوفٌ عليهم و لا هم يحزنون )) ؛ ثمّ فسّر ذلك ، و بيّن و شرح و جلّى ؛ فقال - جلّ و علا - : (( الّذين آمنوا و كانوا يتّقون )) .
و مِن ها هُنا قال مَن قال من أهل العلم : (( كُلُّ مؤمنٍ تقيٌّ فهو لله وليّ )) ؛ فإنّ الإنسانَ بحسبِ ما عنده من تقوًى و إيمانٍ ؛ يكون عنده من ولاية الرّحمن ؛ فكلّما زاد إيمانه و زادت تقواه ؛ كلّما زادت ولايته و تولّي ربِّنا إيّاه .
فمَنْ ضَعُفَ إيمانه ؛ كان في أضعف أماكِن الوِلاية ، و مَن زاد إيمانُه زادت ولاية الله له ؛ بحسب زيادة إيمانه .
فإنّ الوِلاية - أو الوَلايه ؛ بكسر الواو و فتحها ؛ و كلاهما لغتان - : هي المحبّة و النُّصرة ؛ فلذلك كان معنى نهي الله - سبحانه و تعالى - عن تولّي المؤمنين للمشركين - كان معناه - النّهي عن محبّتهم لدينهم ، و نصرتهم في ذلك و على ذلك .
و كان معنى قول الله - سبحانه و تعالى - : (( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض )) ؛ أي : يُحبُّ بعضُهم بعضًا ، و ينصرُ بعضُهم بعضًا .
و كذلك وليّ الله - سبحانه - ؛ فهو الّذي يُحبُّ اللهَ - جَلّ في عُلاه و عَظُمَ في عالي سَماه - ، و ينتصرُ لشريعة مولاه ؛ بإقامة شرع الله ؛ فرائضه و نوافله . .
فلقد جاء في " صحيح الإمام البخاريّ : 6137 " - في الحديث الصّحيح لغيره - أنّ رسولَ الله - صلّى اللهُ عليه و على آله و سلّم - قال : (( إنّ اللهَ - تعالى - يقول : من عادى لي وليًّا فقد آذنتُه بالحرب ، و ما تقرّب إليّ عبدي بشيءٍ أحبُّ إليّ ممّا افترضتُ عليه ، و لا يزال عبدي يتقرّبُ إليّ بالنّوافل حتّى أحبّه ؛ فإذا أحببته ؛ كنت سمعَه الّذي يسمعُ به ، و بصرَه الّذي يُبصر به ، و يده الّتي يبطِشُ بها ، و رِجلَه الّتي يمشي بها ، و إن سألني لأُعطينّه ، و لئن استعاذني لأُعيذنّه ، و ما تردّدتُ عن شيءٍ أنا فاعله تردُّدي عن نفس المؤمن ؛ يكرَهُ الموتَ ، و أنا أكرهُ مساءته )) .
فلقد رسم لنا رسولُ اللهِ - صلّى الله عليه و على آله و سلّم - طريقَ الولاية بكل معالمه ؛ ولم يُبقِ - بعدُ - شيئًا مخفيًّا .
فإنّما تُنالُ الولاية بإتيان الفرائض و الإكثار من النّوافل ؛ حتّى تنالَ حُبّ الله - سبحانه و تعالى - ؛ فإذا أحبّك اللهُ تولاّك ، و نصرك ، و كان لك و معك سندًا و نصيرًا . .
أمّا أن تزعمَ أنّك تُحبّ اللهَ - سبحانه - ، وتدّعي اعتصارَ القلبِ و نبضَ العروقِ بذلك ؛ بدون أن يُوافقه العمل ؛ فاسمع إلى ما قاله الحسن البصريّ - رحمه الله - ؛ قال : (( ليس الإيمانُ بالتّمنّي ، و لا بالتّحلّي ؛ و لكنّه ما وَقَرَ في القلبِ ، و صدّقه العمل )) ؛ و قد وَرَدَ هذا اللّفظُ مرفوعًا إلى النّبيّ - صلّى الله عليه و على آله و سلّم - ؛ و لكنّ رفعَه لا يصحّ !
قال الله - سبحانه و تعالى - : (( قُل إن كُنتم تحبُّون اللهَ فاتّبعوني يحببكم اللهُ و يغفر لكم ذنوبكم )) .
فليست المسألةُ أن تزعم أنّك تحبُّ اللهَ - سُبحانه - ؛ فهذا يزعمه كلّ أحدٍ و أيُّ أحد ؛ كما قال - سبحانه - : (( و قالت اليهود و النّصارى نحن أبناءُ الله و أحبّائه )) ؛ و لكنّ المسألةَ و الشّأنَ كلَّهُ أن يُحبّك اللهُ ؛ فمن أحبّه اللهُ فذلك هو الموفّق ، و ذلك هو الوليّ السّعيد . .
فكيف تحصل على نُصرة الله ؟ و على محبّة الله ؟ و على رضاه ؟
ذلك ما بيّنه المُصطفى - صلّى الله عليه و على آله و سلّم - في الحديث الآنف ذكره ؛ بإتيان الفرائض ، و الإكثار من النّوافل .
فإنّ الولاية - كما سبق - : هي المحبّة و النُّصرة ، و ربُّنا - عزّ و جلّ و علا - ليس بحاجتنا أن ننصره ؛ و إنّما إن نصرنا فإنّنا ننصُرُ أنفسنا ؛ كما قال - سُبحانه - : (( إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم و إن أسأتم فلها )) ؛ فمَن نصر شرع الله ، ونصر نفسه باستقامته على الشّرع ، و نصر ملّته في الرّباطِ و الجهاد ، و نصر أهلَ ملّته بالذّبّ عنهم و أمرهم بالمعروف و نهيهم عن المُنكر ؛ و بابُ ذلك كُلِّه : إتيان الفرائض ، و اجتناب المحارم و النّواهي ، و الإكثار من النّوافل ؛ فهو حقيقٌ أن ينصره الله - سبحانه و تعالى - ؛ لأنّ الله - عزّ و جلّ و علا - يقول : (( إن تنصروا الله ينصركم و يثبّت أقدامكم )) ؛ فكأن معنى هذه الآية : إن تتولّوا اللهَ في اتّباع شرعه يتولّكم بنُصرته و تأييده وتثبيته .
فنسألُ اللهَ - سبحانه - أن يمُنّ علينا و على المسلمين باتّباع شرعه الحكيم المُبين ، و أن يُيسّر لنا أن نأتي الفرائض ، و نجتنب المحرّمات و النّواقض ، و أن نُكثر من النّوافل و الطّاعات ، و أنواع العبادات و القُربات .
فإن هذا هو سبيل الولايه ، و هو طريق العزّة ، و هو أوّل البداية ؛ فنسألُ اللهَ لنا و لكم ذلك .
و الحمد لله رب العالمين .
الخطبةُ الثّانيةُ
الحمدُ للهِ رب العالمين ، و الصّلاةُ و السّلام على محمّدٍ ، و على آله و أزواجه و صحبه أجمعين .
أمّا بعد :
فإنّ ناسًا من المتهوّكين - في شرق الدّنيا و في غربها - يزعمون للأولياء ما لا يجوز أن يُصرف إلاّ لله ربّ العالمين !
حتّى قالت الشّيعةُ الشّنيعة : (( إنّ لأئمّتنا الاثنى عشر ولايةً تكـوينيّةً على كُلِّ ذرّةٍ من ذرّات هذا الكون )) ؛ فيزعمون أنّ أولياءهم أربابٌ من دون الله ؛ يُكوّنون هذا الكون بذرّاته و أشيائه !
بل ما من ذرّة في الدّنيا إلاّ و لأوليائهم المزعومين - الّذين هم أوّل المتبرّئين منهم و من كفرهم و طُغيانهم - ولايةُ تكوينٍ و خلقٍ و تصريفٍ فيها !!!
و هذا - و اللهِ العظيم - هو الكُفر المبين ، و الشّرك المُستبين .
وقال الصّوفيّة :
مقـامُ الـولايةِ في بـرزخٍ = فُـوَيْقَ الـنّبيِّ و دون الإلـه
و معنى ذلك : أنّ الوليّ - عندهم - مُفضَّلٌ على النّبيّ ؛ فإنّ ( البرزخ ) : هو الفاصل ؛ كما في قوله - سُبحانه - : (( بينهما برزخٌ إلى يوم يبعثون )) ؛ يعني : فاصلٌ ؛ يفصل بين هذه الحياة الدّنيا ، و بين الحياة الآخرة ؛ و هو مرحلة القبر .
مقامُ الوليّ في برزخٍ ؛ يعني : في مكانٍ فاصلٍ ؛ فوق النّبيّ ، و دون الإله !
و حسبُك بهذا القولِ ضلالاً ، و حسبك به كُفرًا و بُهتانًا و إضلالاً ؛ أن يزعُمَ شخصٌ من النّاس أنّ آخَرَ من النّاس - أيضًا - له مكانةٌ فوق الأنبياء ؛ و هو ليس منهم !
بل هذا الوليّ المزعوم مُقَارَنٌ - عندهم - بالإله ؛ فهو دونه بقليلٍ !!!
فلذلك زعم هؤلاء أنّ الوليّ قد سقطت عنه التّكاليف ، و أنّه لا يُصلّي و لا يصوم ؛ لأنه قد بلغ ( مرحلة الكشف ! ) ، و بلغ إلى ( مرحلة الوصول ! ) !
و مَنْ تعدّى ذلك - منهم - فإنّه يزعمُ أنّ الوليّ يكونُ حاضرًا بيننا بجسده ، و يُصلّي في المسجد الحرام بروحه !
و يذكُرون و يُكثرون في ذلك من الأكاذيب و الكرامات المزعومة ما الله به عليم !
نعم !
نحن لا ننكر الكرامات الحقّة ، و لا نجادل فيها ؛ فهي حقٌّ و شرع ، و إثباتها هو السّنّة .
و لكن !
كراماتُ مَن ؟
و أيّ كرامات ؟
إنّها كراماتُ الأولياء الصّالحين ؛ لا أولياء الطّالحين ، و الكرامات الصّادقة الحقّة ؛ لا الكرامات المُنكرات الملّفقة .
فهل من الكرامات أن يبدُوَ الرّجل عاريًا في الطّرقات ؟!
و هل من الكرامات أن تُأتى البهائم كما تُأتى الحرائم ؟!
و هل من الكرامات أن يبُول ( الشّيخُ ! ) على المريدين ؛ ليحوزوا البركة و الكشفَ و ( الولايةَ ! ) و الوصول ؟!
هل هذا من الكرامات - أيّها العقلاء - ؟!!!
و الله ؛ لا يقول ذلك ، و لا يفعل ذلك إلاّ مجنونٌ أو زنديق !
فلا بُدّ - إذًا - من معرفة حقّ البشر و ما يجوزُ أن يُصرفَ لهم ، و معرفة حقّ خالقهم ؛ فلا يُصرف لغير الله نذر ، و لا يُطافُ بقبرٍ ، و لا يُخشى وليٌّ ، و لا يُطلب منه المدد . .
فإنّ الله - عزّ و جلّ و علا - يقول : (( و أنّ المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدًا )) ؛ أي : إنّ المساجد و الصّلوات و المناسك و العبادات تُصرف لله - فقط - ؛ كما في قوله - سُبحانه - : (( قل إنّ صلاتي و نُسكي و محياي و مماتي لله ربّ العالمين بذلك أُمرتُ و أنا أوّل المسلمين )) .
و أُصلّي و أُسلّمُ على خاتَم المُرسلين ، و شامة النّبيّين ؛ محمّدٍ - صلّى الله عليه و سلّم - ، و على آله و صحبه أجمعين .
انتهى - بحمد الله - .
منقول للافادة
| |
|
همسة براءة نائب مدير العام
لمُسَــاهَمَـــاتْ : 10062 العمر : 32 مزاج : تاريخ التسجيل : 18/12/2008
| Subject: Re: تحذيرُ العُقلاءِ من التّعلّقِ بالأولياءِ Fri 9 Oct أƒ 4:24 | |
| | |
|
الاستاذ كمال المدير العام
لمُسَــاهَمَـــاتْ : 5428 العمر : 44 تاريخ التسجيل : 07/05/2008
| Subject: Re: تحذيرُ العُقلاءِ من التّعلّقِ بالأولياءِ Fri 9 Oct أƒ 4:31 | |
| وفيك البركة أختي شرفت و نورت الموضوع | |
|