أحـلامُ الصَّـبِّ ...
بـاتَ السُّـوالُ يُحيِّـرُ الأَلْبابـا
يا طَيْرَ شِعْري هَلْ وَجَدْتَ جَوابا ؟!
أَمْ أَنَّنا سَنَظَلُّ فـي حَـرِّ الجَـوى
وَ نُكابِـدُ الأَشْـواقَ وَ الأَسْبابـا
غابَ الكَرى عَنَّا وَ فَـرَّقَ شَمْلَنـا
إِنَّ السُّهـادَ يُفَـرِّقُ الأَحْبـابـا
لَوْ نِمْتُ يا طَيْري ، رَأَتْهـا أعْيُنـي
وَ الحُلْـمُ يَفْتَـحُ للهَوى أَبْـوابـا
الصَّبُّ مِنْ بُعْـدِ الحَبيـبِ تَقُـودُهُ
أَحْـلامُ قُـرْبٍ تَنْسِـجُ الآرابـا
فإذا غَفـا يَأْتـي المَنـامُ بسِحْـرِهِ
وَ يُداعِبُ الأَوْطـارَ وَ الأَعْصابـا
يَرْنو إلـى وَجْـهِ الحَبيبَـةِ باسِمًـا
وَ يَشُمُّ مِنْ زَهْـرِ النَّـدى أَطْيابـا
يَصْحو ، وَ عِطْرُ زُهورِها في أَنْفِـهِ
وَ يَرى الرَّبيعَ لحُسْنِهـا خَلاَّبـا !
وَ الشَّمْسَ أَجْمَلَ لَوْحَةٍ فـي عَيْنِـهِ
وَ البَدْرَ أُنْزِلَ للوِصـالِ وَ آبـا !
وَ الصَّوْبَ في سُحُبِ السَّماء بَوَجْهِهِ
وَ الشَّوْقَ سُفْنًا ، وَ اللِّقاءَ رِكابـا !
إِنَّ الغَـرامَ إذا تَعـالَـتْ نــارُهُ
صارَتْ أُمـورُ العاشِقيـنَ عُجابـا
السَّهْمُ يَضْرِبُ قَلْبَهُـمْ فـي غِـرَّةٍ
وَ الكَأْسُ يَسْقي بالمَصائِـبِ صابـا
لا يَنْقَضـي لَيْـلُ المُحِـبِّ كَأَنَّـهُ
بظَـلامِـهِ للعاشِقـيـنَ عِقـابـا
عَجَبٌ ، فَرُغْمَ عَذابِـهِ وَ جَفائِـهِ
تَجِـدُ الأَنـامَ لشَوْكِـهِ طُلاَّبـا !
يا ريمُ ، مُذْ فارَقْتَنـي لَـمْ يَنْدَمِـلْ
جُرْحُ النَّوى ، وَ القَلْبُ ضاعَ وَ ذابا
وَ أُصِبْتُ مِنْ طَعْنِ الوُشاةِ وَ لَمْ أَفِقْ
وَ سُقيتُ مِنْ مُرِّ العَـذابِ شَرابـا
وَ رَأَيْتُ في أَذْكارِ دَرْسـي سَلْـوَةً
فَرَأَيْتُ وَجْهَـكَ وَ الغَـرامَ كِتابـا
أَخْطَأْتُ ! ، لكِنْ لا تُضاعِفْ شَقْوَتي
وَ أَشِرْ إلـيَّ بمـا تَـراهُ صَوابـا !
وَ كَفى نِفارًا ، فالسَّقـامُ يَهُدُّنـي
وَ لَقيتُ في جِسْمي دَمًـا مُنْسابـا
وَ تَذَكَّرَ الوادي وَ مَجْلِسَنـا علـى
غُصْنٍ رَقيـقٍ نَأْكُـلُ الأَعْنابـا !
وَ الطَّيْرُ يَصْدَحُ فَوْقَنـا وَ يُذيبُنـا
وَ يُزيدُ فـي أَرْواحِنـا الإِعْجابـا
وَ الشَّمْسُ قَدْ طَلَعَتْ تُغازِلُ وَجْهَنا
وَ نَـرى الحَمـامَ بقُرْبِنـا أَسْرابـا
وَ قُلوبَنا تَشْـدو وَ تَرْسِـمُ حُبَّنـا
وَ النَّهْرَ يَرْوينـا هَـوًى وَ رِضابـا
يا ريمُ مُنْذُ تَرَكْتَ قَلْبي لَـمْ تَنَـمْ
عَيْني ، وَ حالي اليَوْمَ صارَ خَرابـا
هاروتُ شِعْري كُلَّما طالَ النَّـوى
سَأَلَ الهَوى ، وَ سَأَلْتُ مِنْكَ مَتابا !
لكِنَّـهُ يَأْبـى ، وَ يُمْلـي أَضْلُعـي
أَبْيـاتَ شِعْـرٍ تَقْتُـلُ الأَحْبـابـا
قَدْ حُطِّمَتْ سُفُني بِبَحْـرِ مَواجِعـي
وَ البُعْدُ عَنْكَ يُحَطِّـمُ الأَعْصابـا
فَدَعِ الفِراقَ لأَنَّنـي لَـمْ أَحْتَمِـلْ
في ظُلْمَةِ اللَّيْـلِ الطَّويـلِ غِيابـا
إِنَّ الفِـراقَ نِهايَـةُ العُشَّـاقِ فـي
قِصَصِ الهَوى وَ يُقَطِّـعُ الأَلْبابـا !