التطنيش ....علم قائمٌ بحدّ ذاته , و له أصول و قواعد لا يتقنها إلا الخبيرون
و فروع و تصنيفات لا يقوم لها إلا المتخصّصون .
و جاء في اللغة :
طنّش الرجل تطنيشاً فهو مطنِّش ,
و رغم أن المرأة قد تكون مطنِّشةً أحياناً ( اسم فاعل ) إلاّ أنّها في العادة تكون مطنَّشة ( اسم مفعول )
, و هو فعلٌ فرديٌّ في الغالب الأعمّ حيث لا يمكن عقلاً أن تقرّر
جماعةٌ كاملة من الكائنات البشريّة الواعية على القيام بهذا الفعل
إلاّ أنّها عندما تتفق و لو ضمنيّاً على ذلك و تصبح جماعةً من ( المطنّشين ) .
فقد يُفهَم من التطنيش على أنّه مجرّد تجاهلٍ غير مقصود
لأحداثٍ قد تكون غامضة أو على الأقل غير معروفة النتائج ,
إلآّ أنّ واقع الحال يفيد أن الأمر ليس بهذه البساطة كما رأينا بأمّ أعيننا قبلاً و سنراه بأبيها أيضاً لاحقاً .
و من الناحية الطبيّة يعتبَر التطنيش أحد أفضل أنماط السلوك البشريّ و أكثرها فائدةً و سلامة ,
فهو يساهم بشكلٍ كبير في تخفيض معدّل الكولسترول في الدم و يجلي الشرايين ممّا يعلق
في جدرانها من ترسّبات و شوائب , و هو ينزل برداً و سلاماً على القلب فينبض بهدوءٍ و سلاسة
و انتظام دون ذبحات أو جلطات و غير ذلك من بلاوي لا يعلمها إلاّ الله ,
كما...
أن التطنيش يترافق عادةً مع عادات صحيّة مفيدةٍ للغاية ,
فمن النادر أن ترى بين المطنّشين المحترفين مدخّناً أو مدمناً على القهوة أو الشاي
أو ما ش
هما من أنواع المنبّهات أو المكيّفات أو ( الأصناف ) إيّاها ..
لكنّ أهمّ ما يميّز التطنيش هو فائدته التي يجمع عليها أطبّاء الأعصاب و معالجو الأمراض النفسية
و العقلية .., فلم يذكر تاريخ الطبّ حادثةً واحدة أصيب بها مطنّشٌ يحترم نفسه ..
بالاكتئاب أو الفصام أو الأرق أو القلق أو الهستريا أو الأهلاس أو الهذيان ,
و يعزو الأطبّاء هذا الارتباط بين السلوك التطنيشيّ و الصحة العقلية و النفسية
إلى أن معظم أمراض العقل و جميع حالات الجنون ناجمةٌ عن وجود شرخٍ عميق
يزداد باضطراد بين العالَم كما هو و العالَم كما تريده لنا قشرتنا الدماغيّة الرماديّة
التي رغم كونها تحتلّ مساحةً لا تزيد عن مساحة جماجمنا
الصغيرة إلاّ أنّها فعلياً تمتدّ على مساحة عدّة أكوان ..
هذا الشرخ لا يوجَد أصلاً عند أيّ مطنّشٍ نظراً لطبيعة دماغه التي لا ترى
من الظواهر إلاّ ما تريد أن تراه و لا تحسّ بالحوادث إلا كما نحسّ حين نلمس
سطح النهر العميق فنخاله برقّة بشرة جلودنا و لا تتعلّم من التاريخ إلا أنّها تريد أن تعيشه كرّة أخرى ..
و رغم أن أجسادنا تستقبل كلّ لحظة ملايين الإحساسات المختلفة
....التي تنتقل بسرعة الضوء إلى مراكزنا العصبيّة العليا فنشعر و نفكّر و نحلّل
و نقارن ثمّ نتّخذ قراراتنا وفقاً لخياراتنا و لامكانيّاتنا المتاحة و لما نشعر أنّه
واجبنا اتّجاه العالَم أو حقوقنا اتّجاه أنفسنا , إلاّ أن ...
الطبيعة التطنيشيّة تجبر الإحساسات على المرور في طريقٍ واحد فحسب
فتصفّي ما تريد و تغربل ما لا تريد و لا يصل إلى الدماغ منها إلا لوناً واحداً
يريك العالَم ملوّناً بألوان قوس قزح
و دماغ الإنسان المطنّش يتمتّع فوق ذلك كلّه بقدرةٍ هائلةٍ على
التأقلم مع كلّ الظروف , فهو يستطيع أن يكون ليبرالياً وسيماً حين..
تكون الليبراليّة موضة العصر و ....إسلامياً عتيداً حين يشمّ رائحة ( صحوةٍ )
ما في الأفق و محافظاً متيناً حين يكون مع المحافظين و ماجناً متهتّكاً حين
يسهر مع الماجنين , و ليس في الأمر نفاقٌ كما قد يعتقد البعض ....لا ابداا...
و إنّما هو موهبة رائعة في ألاّ ترى من المستقبل إلا لحظته الآنيّة
فتعيش حياتك كلّها لحظة بلحظة دون أن تحسّ وخزةً واحدة في صدرك الأيسر ..
و كما ترون سادتي ..
فقد سلّم الله المطنّش من هذه الأدواء كلّها و ليس عبثاً
أن أن تكون تلك الأمثال الشعبيّة التي لطالما ردّدناها بصخبٍ و قهقهة مثل :
طنّش تعش .. أو .. طنّش و فرفش .. أو ..
صحيحة بشكلٍ مطلق ..
و للتطنيش بقيّة