في لحظة حب.. أحببت دينك الذي ارتضيت ،و رسولك الذي بعثت،وكتابك الذي
أنزلت،وكيف لي أن لا أحبهم و من أجلنا فعلت..
أحببتهم حبا جديدا..حبا كبيرا..حبا عظيما فوق كل حب..
في لحظة حب.. أحببت أسماءك الحسنى و صفاتك العلى ..أحببتها حب فهم ومعرفة
وذوق..تقدست ربي وتعاليت...
في لحظة حب.. أحببت نداءك يا حنان يا منان يا ودود يا لطيف..وكيف لا وقد
تفضلت ومننت و من ألطاف جودك وهبت ورزقت و أفضت..
في لحظة حب.. تفتحت أمامي أبواب رحمات واسعة غامرة فياضة مفعمة بكل معاني
"الرحمن الرحيم"و بعضا من معاني دعاء أهل الكهف"ربنا هب لنا من لدنك رحمة
وهيئ لنا من أمرنا رشدا"..فبرحمتك عشنا وبرحمتك نعيش و في رحمتك نرجو أن
تتغمدنا..فرحمتك العامة وهب لكل الناس..ورحمتك الخاصة وهب لمن تحب..فاللهم
اجعلنا ممن تحب...
في لحظة حب..أحببت طاعتك،وتلذذت بمناجاتك و عبادتك،وعرفت أن من أحبك أطاعك
ومن أطاعك أحبك..
وفي لحظة حب..كرهت معصيتك..و كيف يعصيك من أحبك؟بل هل يعصيك ابتداء محب؟
تعصي الله و أنت تظهر حبه هذا لعمري في القياس شنيع
لوكان حبك صادقا لأطعته إن المحب لمن يحب مطيع
في كل يوم يبتديك بنعمة منه و أنت لشكر ذلك مضيع
وفي لحظة حب..أحببت القرب منك ...أحببت التودد اليك ..أحببت مناجاتك وحدي
في جوف الليل أو وضح النهار...أحببت اعتمادي عليك..احببت اعتضادي بك...و
الإرتكان اليك ..و الإرتماء على عتباتك..
في لحظة حب ..أحببت السجود لك..متبتلا ..متذللا..متوددا...فلم أشعر بالزمان
ولا المكان..أحببته حبا أنساني طوله...على الأرض سجد الجبين ..وفي السماء
حلقت الروح ..في عالم من جمال وروح وريحان..وشعرت بنعمة الإسلام لك..
مساكين هؤلاء الذين لا يعرفون الإستسلام لك ..مساكين هؤلاء الذين لا
يتلذذون بالسجود لك..مساكين هؤلاء الذين يمرغون وجوههم في التراب لغير
وجهك...مساكين هؤلاء الذين لا يعرفون قيمة الحرية في الخضوع لك وحدك
والسجود لجلال عظمتك...
لقد شعرت بسجودي هذا لأنني أعلى من كل القيود..كيف لا وانا أسجد لك..و شعرت
أنها سجدة الحرية الحقة التي تعتق النفس فيها من أغلال الأرض و قيودها و
أحقادها..فتحررت نفسي وروحي وعقلي وكل كياني و صرت بها حرا حرا...
وفي تلك اللحظة لحظة حب وخضوع ..فهمت قول الحبيب محمدا:"أرحنا بها يا
بلال"..كم كنت مرتاحا في حضرتك..كم كنت مرتاحا في سجودي لك..في تلك اللحظة
الغالية ..لحظة حب..
وفي لحظة حب شعرت كم انت قريب قريب..و أحسست بك تسمع كلامي و ترى مكاني و
تعلم حالي ..ففاضت عبراتي..و ارتعد قلبي نشوة وحبا..هاتفا بصوت كادت تتكسر
منه الضلوع:
"يا حبيبي يا الله....يا حبيبي يا الله....يا الله يا حبيبي..."
أمد بها الصوت مدا...في نغم ساحر و نداء خاشع ..سكن به الجسد و اطمأن به
القلب وهدأت به الجوارح..في لحظة قدسية تمنيت لو كانت كل الحياة..وكل
الزمن....
عندما يكبر حب الله في القلب تصغر كل الأشياء ..و يسمو ذلك القلب وتسمو
الروح والأحاسيس والمشاعر...يسمون جميعا فوق الدنيا...و يرفرفون بأجنحة
فضية في أفق عال وسماء...وتنزاح اكتئابات الدنيا و ظلام الليل الدامس..و
يعود الفجر حثيثا يشرق في القلب ويضيئ الدنيا عملا وجهادا..
في لحظة حب حرة من ضغط الأرض ..و قيد الأرض..و فكر الأرض..و شر الأرض..و
ظلم الأرض..تتفتح الأزهار..تورق الأشجار..و تخضر الأرض الموغلة في البعد عن
الله..
لحظة حب حرة تسري في القلوب ..تحييها من مواتها وتبعث فيها من
جديد..حياتها..
فيا كل الناس..هنا في دنيا الناس توجد قلوب قد تحجرت..منها من أخذ
الدينرسوما جوفاء..ومنها من عبد الله بخوف دون رجاء..ومنها من أظلم قلبه
بطغيان المادة أو المعصية ...ومنها.. ومنها...
فأنى لهؤلاء أن يعرفوا معاني الحب أو حال المحبين....
لكن من رحمة رب العالمين أن تبقى في كل زمان ومكان تلك الطائفة الوسطية
التي تأخذ من كل شيء أحسنه..فعمرت قلوبها بالحب قبل الخوف..و بالرحمة قبل
الغضب...و أقفلت قلوبها عن الدنيا وان جعلتها في أيديها ..ومرت بتلك
اللحظات وتلك الساعات الخالدات...لحظات الحب القدسي وساعاته.
إلهي!
و عزتك ما عصيناك اجتراءً على مقامك
و لا استحلالاً لحرامك
و لكن غلبتنا أنفسنا و طمعنا في واسع غفرانك
فلئن طاردنا شبح المعصية لنلوذنّ بعظيم جنابك
و لئن استحكمت حولنا حلقات الإثم لنفكنها بصادق و عدك في كتابك
و لئن أغرى الشيطان نفوسنا باللذة حين عصيناك
فليغرين الإيمان قلوبنا بما للتائبين من فسيح جناتك
و لئن انتصر الشيطان علينا لحظات
فلنستنصرنّ بك الدهر كله
و لئن كذب الشيطان في إغوائه
ليصدقن الله في رجائه.
إلهي
ما زلت تغمرنا بوابل النعم حتى لا نستطيع إحصاءها
و ما زلت تسبغ علينا آيات الرضى حتى عجزنا عن أداء الشكر عليها
و ما زلت تستر من سيئاتنا ما لا نملك معه إلا الطمع بغفرانك لها
و ما زلت تمدنا بوسائل العون حتى لا نرى لأنفسنا أهلا لاستحقاقها
ملأت قلوب المذنبين طمعاً برحمتك
و ملأت قلوب العابدين أملا بجنتك
و ملأت قلوب العارفين رجاء بدوام تجلياتك
و ملأت قلوب المحبين رغبة في دوام أعطياتك
العطاء عطاؤك
و المنة منتك
و الرضى رضاك
و الوصال وصالك
و الجمال جمالك
و الجلال جلالك
و السعادة جنتك
و الشقاء نارك
و الفناء لخلقك
و البقاء لذاتك
و كل ما عداك فهالك
كل فضل لغيرك قيد
و كل عطاء من سواك رق
و كل عفو غير عفوك مهانة
و كل حلم غير حلمك مذلة
و كل التفات لغير و وجهك شرك
و كل تقرب من غير ذاتك بعد
و كل لذة غير عبادتك مرارة
تباركت يا رب!
كيف يجحدون و أنوارك تغشي أبصاركم؟
و كيف لا يعبدونك و جلالك يملأ بصائرهم؟
وكيف يبتعدون عنك و نعمتك تجذبهم إليك؟
و كيف لا يهابونك و عظمتك تجبرهم على الترامي عليك؟
و كيف لا يخافونك وآيات عذابك قريبة منهم؟
و كيف لا يحبونك و كل ذرة من ذرات و جودهم من فيضك؟
و كيف يدهشهم جمال من خلقت بيدك، و لا يدهشهم جمالك؟
و أنت الذي صنعت جمالهم على عينك؟
يا مفيض النعم حتى على الجاحدين
و يا واهب الكرم حتى للمنكرين
و يا واسع الحلم حتى على المتكبرين
و يا عظيم الرحمة حتى للمعاندين
تعطف على من عبدوك حتى هجروا فيك الجاحدين
و تحنن على من أحبوك حتى كرهوا بك المعاندين
و لولاك ما عبدوك
و لا أحبوك
و لا اهتدوا إليك
و لا تعرفوا عليك
فكيف تتخلى عنهم و قد سلكت بهم الطريق إليك
و كيف لا ترحمهم و رحمتك هي التي جعلتهم أساري بين يديك
حاشا لكرمك أن تفعل بهم ذلك
و هم على الوفاء مقيمون
و للجلال خاشعون
و بالعبودية معترفون
و بالحب مدلهون
سبحانك!
سبحانك!
سبحانك!
أنت القائل: ( و إذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان
فليستجيبوا لي و ليؤمنوا بي لعلهم يرشدون*)
نشهدك أنا لك مستجيبون، و بك مؤمنون، فاسلكنا مع المهتدين، و اجعلنا مع
الراشدين، و اكتبنا مع المقربين
و الحمد لله رب العالمين
يا رحمن!
خلقتنا فنسيناك
و رزقتنا فكفرناك
و ابتليتنا لنذكرك فشكوناك
و نسأت* لنا في الأجل فلم نبادر إلى العمل
و يسرت لنا سبيل الخير فلم نستكثر منه
و شوّقتنا إلى الجنة فلم نطرق أبوابها
و خوّفتنا من النار فتقحّمنا* دروبها
فإن تعذبنا بنارك فهذا ما نستحقه و ما نحن بمظلومين
و إن تدخلنا جنتك فذاك ما أنت أهله و ما نحن كنا له عاملين.
جلّت ذاتك عن أن تدرك أبصارنا
و جلت أفعالك عن أن تدرك تمام حكمتها أفهامنا
و جلت ألوهيتك عن أن تقوم بحقها عبادتنا
و جلت نعمتك عن أن تؤدي شكرها جوارحنا
و جلت عظمتك عن أن تخشع لها حق الخشوع قلوبنا
و جلت رحمتك عن أن نستوجبها بقليل أعمالنا
نعوذ بك منك
و نفر منك إليك
لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك
يا رب ، أنت رجائي، وأنت وليي، وأنت أنت إلهي، لا أعدل بك، ولا أرغب عنك .
إليك أمدُّ يدي، وببابك أحطُّ رحلي، فاقبلني وأنت راض ، وأعطني وأنت كريم،
وسامحني وأنت عفو غفور .
يا من قلبي بإصبعيك، وإيماني بيديك، ثبِّت قلبي، وقوِّ إيماني حتى لا أتوجه
إلا إليك، ولا آمل إلا بك .
تطارحني الذنوب ، وتثقلني الخطايا، ويبقى لساني جريئا يطلب الغفران، وتذرف
دموعي بعد الآثام، ترتجي الرحمة والرضوان .
إلهي و محبوبي ، أحبك وأعلم أن أفعالي قاصرة عن بلوغ هذا المقام، ولكن أحبك
، وكفى بك عليماً .
من أحبك أحببته; وهذا فضلك، ومن أقبل عليك أقبلت عليه; وذا كرمك، ومن رجاك
كنت خير الملبين، فاقبل بحق فضلك دعائي، وامنحني بسر كرمك هنائي،
وبالخيرية، التي لك وحدك دون غيرك، حققني بالعبودية المرضية ولا حول ولا
قوة إلا بك، ولا تسليم ولا إذعان إلا إليك .
إلهي!
أنت تعلم: أني لم أتقرب إليك بصالح الأعمال.
و أنا أعلم: أنك تغفر الذنوب جميعاً إلا الإشراك بك.
أنت تعلم: أني لم أبتعد عما نهيت من سيئ الأعمال.
و أنا أعلم: أنك ما كلفتنا من التقوى إلا بما نستطيع.
أنت تعلم: أني لم أعبدك كنا ينبغي لجلال وجهك أن يُعبد.
و أنا أعلم: أنك تخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان.
أنت تعلم: أن نفسي لم تصف من كدورتها برغم تعرضي لنفحاتك.
و أنا أعلم: أنك خلقتني من الطين، و أنبتّني من التراب، و أسكنتني في
الأرض، و امتحنتني بالشيطان.
أنت تعلم: أني أسبح في بحر متلاطم الأمواج لأصل إلى شاطئ أمنك و سلامتك.
و أنا أعلم: أنك شددتني في الحياة بما يبطئ بي في الوصول إليك من زوجة و
ولد، و حاجة و مرض، و هموم و أحزان.
أنت تعلم: أني متشوق إلى الغوص في بحار أسرارك و التعرض لفيوض أنوارك.
و أنا أعلم: أنك خلقت فيّ مع نور العقل ظلمة الشهوة، و مع خضوع الملائكة
تمرّد إبليس، و مع سمو السماء هبوط الأرض، و مع صفاء الخير كدورة الشر، و
مع نار الحب دخان الهوى.
أنت تعلم: أني أريد الوصول إليك صادقاً منكسراً.
و أنا أعلم: أنك تجتبي من تشاء، و تصطفي من تختار، بفضل منك لا بأعمالهم، و
بكرم منك لا باستحقاقهم.
إلهي!
هذا بعض ما تعلمه مني، و بعض ما أعلمه عنك، فاجعل ما علمته شفيعاً لما
علمته، و أوصلني إلى ما تعلمه مما أحاول، على ما أعلمه عندي من ضعف
الوسائل، و لا تجعل علمك بي مبعداً لي عنك، و لا علمي بك فاتناً لي عن
الوصول إليك، اللهم إنك تعلم و نحن لا نعلم و أنت الحكيم الوهّاب
ممّا وقفت على سحر خلجاته
مُحِبّتكن..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت
الملائكة : ولك بمثل »
إليك فتاة الإسلام إليك يا درّة الإيمان
(。◕‿◕。)