يتساءلون عنك: أين أنت؟ فيا عجباً للعُمْي البُلْه! متى كنت خفيًّا حتى نسأل عنك؟ ألست في عيوننا وأسماعنا؟ ألست في مائنا وهوائنا؟ ألست في بسمة الصغير وتغريد البلبل؟ ألست في حفيف الشجر وضياء القمر؟ ألست في الأرض والسماء؟ ألست في كلِّ شيء كلِّ شيء؟ أليست هذه آياتك الدالة عليك؟ أليست هذه من بدائع صنعك يا أحسن الخالقين؟ أليست آيات تدبيرك الحكيم بارزة في صغير هذا الكون وكبيره؟ فكيف يسأل عنك هؤلاء إلا أن يكونوا عمياً في البصائر والأبصار؟?
(إن في السموات والأرض لأيتٍ للمؤمنين * وفي خلقكم وما يبث من دابةٍ ءاياتٌ لقوم يوقنون * واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح ءايات لقوم يعقلون)?
* * * * * * * * *
* أين حكمتك؟ *
يتساءلون عن حكمتك في المرض والجوع، والزلازل والكوارث، وموت الأحبَّاء و حياة الأعداء، وضعف المصلحين وتسلط الظالمين, وانتشار الفساد وكثرة المجرمين، يتساءلون عن حكمتك فيها وأنت الرؤوف الرحيم بعبادك؟ فيا عجباً لقصر النظر ومتاهة الرأي، إنهم إذا وثقوا بحكمة إنسان سلموا إليه أمورهم، واستحسنوا أفعاله وهم لا يعرفون حكمتها، وأنت.. أنت يا مبدع السموات والأرض، يا خالق الليل والنهار، يا مسير الشمس والقمر، يا منزل المطر ومرسل الرياح، يا خالق الإنسان على أحسن صورة وأدقّ نظام.. أنت الحكيم العليم.. الرحمن الرحيم.. اللطيف الخبير.. يفقدون حكمتك فيما ساءهم وضرهم، وقد آمنوا بحكمتك فيما نفعهم وسرّهم، أفلا قاسوا ما غاب عنهم على ما حضر؟ وما جهلوا على ما علموا؟ أم أن الإنسان كان ظلوماً جهولاً)؟!