من منا لا يعرف دار ” المحكمة ” أو كما يعرف عندنا ” دار الشرع أو دار
القاضي “ تلك الدار التي يهابها العدو والصديق وحتى المار بجوارها
والسامع لإسمها فما بال الداخل إليها ، دار كلما دخلتها استشعرت الصرامة
والحزم والمهابة ، دار كما قال البعض ” الرابح فيها خاسر ” ، كان لي موعد
فيها قبل أيام من أجل استخراج وثيقة إثبات الهوية الجزائرية و السوابق
العدلية لإتمام ملف إداري في الجزائر طبعا ، وكالعادة بعد انتهاء الدوام
توجهت إلى دار المحكمة لأصل إلى المكتب المكلف بتسليم هذا النوع من
الوثائق ، لا أخفي عليكم وجدته مثل حمام النساء وإن كنت لا أعرف عن حمام
النساء إلا أنه يعج بهم وبصراخهم ودردشتهم الخاصة ، لأطلب من أحدهن تسليمي
الوثائق التي أنا هنا من أجلها و يا ليتني ما فعلت….
البداية كانت مع وثيقة الجنسية ، الوثيقة التي أثبت بها أني جزائري نعم
جزائري من أجل الحصول على حق في بلدي ” لهو الجزائر طبعا” للمشاركة في
مسابقة لتوظيف ، لتقدمها لي لالة مولاة الحمام ، عفوا المكلفة بالمهام ….
، لتجدها وقد أكلها فار !!!… ، نعم فأر… تسرب إلى المكتب رغم الإجراءات
الأمنية المشددة وكاميرات المراقبة التي تراقب كل كبيرة وصغيرة داخل هذا
الصرح العظيم ، في البداية ضحكت حقا من جرأت تلك الموظفة التي قدمت لي بدم
بارد ” وجه صحيح ” الوثيقة ، ولما استفسرت عن الأمر جاء جوابها مزلزل
مدويا ” واش ندرلك كلها فار ” ، فقط للمعلومة وثيقة الجنسية في حد ذاتها
ورقة عادية جدا لا تدل أن فيها محتوى هام يعني تقدر تقول ” ورقة وخلاص ”
يعني كما مواليها ” شعب وخلاص ” ، لأدخل معها في صدام ليس حول الجريمة
التي اقترفها الفار في حق جنسيتي التي كنت قبل ذالك أفتخر وأعتز بها و ولا
أزال كذالك رغم كل هذا … بل في الوقاحة التي دفعت بهذه المرأة إلى تسليمي
وثيقة بهذا الشكل يعني ” كليها فار “، ولما طلبت منها استخراج وثيقة أخرى
صالحة ، طلبت مني إعادة جمع ملف جديد من أجل الحصول على وثيقة جديدة
والانتظار ليوم أو يومين كون أن الملف الأول دخل إلى الأرشيف !!، لأجد
نفسي محتار … هل يوجد هنا أرشيف حقا و هل يعرف هذا الفأر مكانه ؟ !! ”
تخلات” ، الأمر الأخر الذي في الحقيقة جعلني أفقد صوابي أني لما قلت لها ”
بالله عليك هل يعقل أن أستلم وثيقة إثبات أني جزائري في دولة اسمها الجزائر أستلمها بهذا الشكل ؟” لتكون فرصة للبقية النسوة من أجل الضحك الذي كنت قد حرمتهم منه منذ أن نزلت عندهم ، لكن هل يضحكون مني أم لأني جزائري وأكلني فأر
؟ لا أعرف في الحقيقة هل أنا في الجزائر أصلا أما لا… ، أين هي العزة
والكرامة ؟؟ ، لا أخفي عليكم خلتٌ نفسي أحد المرتزقة المجرمين لأتذكر
مباشرة وثيقة السوابق العدلية وأطلبها لأعجل بخروجي من ذالك الحمام ….
لكن يا ليتني ما فعلت … ، طبعا قدمت لي الوثيقة بدون أية إشكال لكن هل فعل
الفأر فعلته هذه المرة ؟ ، في الحقيقة نعم ، لكن هذه المرة ليس فأر حقيقي
بل فار إلكتروني ، كل ما في الأمر أنا هناك خطأ في الاسم وتم توجيه التهمة
إلى الحاسوب صاحب تلك الفأرة التي تحركت وأكلت حرف واحد من اسمي مع أن
الوثائق المقدمة تثبت أن الأسم الصحيح كان غير المكتوب على الوثيقة التي
أكلها الفار ، كنت أتمنى لو أكله كله المهم يشبع ويجد لقمة العيش التي
أتعبتني في هذا البلد الغني والشعب الفقير ، لألتفت يمينا ويسارا لأجد تلك
العيون التي كانت تحدق إلى وهي تشتغل بما في يد أصحابها ونظراتهم الساخرة
حولتني صغيرا ذليلا مثل الفار أو أقل منه، ماذا أفعل ماذا أقول … هذي حال
الزوالي في بلاد …. ، بحثت عن مهرب حقا من أجل الخروج من هذا الوحل
الإداري لأسألهم أين هو المكتب المكلف بتغير الأسماء
منقوووووول .