الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا وحبيبنا وسيدنا محمد الصادق الوعد الأمين وعلى آل بيته وأصحابه والتابعين ومن تابعهم بإحسان إلى يوم الدين
وبعد
أخي الفاضل / أختي الفاضلة ؛؛
اعلم / اعلمي : أن أعْدَى أعداؤُك هي نفسك التي بين جنبيك وقد خُلِقَتْ أمَّارةٌ بالسُّوء ميَّالةٌ إلى الشرِّ فرَّارةٌ من الخير ، وأمِرْتَ بتزكيتها وتقويمها وقودها بسلاسل القهر، إلى عبادة ربها وخالقها ومنعها عن شهواتها وفطامها عن ذاتها ، فان أهملتها جمحت وشردت ولم تظفر/ تظفري بها بعد ذلك ، وإن لازمتها بالتوبيخ والمعاتبة والعذل الملامة كانت نفسك هي النفس اللوامة التي أقسم الله بها رجوت أن تصير النفس المطمئنة المدعوة إلى أن تدخل في زمرة عباد الله راضية مرضية ، فلا تغفلنَّ ساعة عن تذكيرها ومعاتبتها ولا تنشغِلنَّ بوعظ غيرك ما لم تنشغل أولا بوعظ نفسك قال تعالى {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ } وسبيلك أن تقبل عليها فتقرر عندها جهلها وغباوتها وأنها أبدا تتعذر بفطنتها وهدايتها ، ويشتد أنفها واستنكافها إذا نسبت إلى الحمق فتقول: " يا نفس ... ما أعظم جهلك، تدعين الحكمة والذكاء والفطنة ، وأنتِ أشد غباوة وحمقا . أما تعرفين ما بين يديك من الجنة والنار ، وأنك صائرة إلى أحداهما على القرب ؟ فما لك تفرحين وتضحكين ، وتشتغلين باللهو ، وأنت مطلوبة لهذا الخطب الجسيم؟ وعساك اليوم تُختطفين أو غداً ، فأراكِ ترَيْن الموت بعيداً، ويراه الله قريباً.
أما تعلمين أن كل ما هو آت قريب، وأن البعيد ما ليس آت ؟
أما تعلمين أن الموت يأتي بغتة من غير تقديم رسول ، ومن غير مواعدة ومواطأة ، وأنه لا يأتي في شيء دون شيء ، ولا في شتاء دون صيف ، ولا في صيف دون شتاء، ولا في نهار دون ليل ، ولا في ليل دون نهار ، ولا يأتي في الصبا دون الشباب ، ولا في الشباب دون الصبا، بل كل نَفَسٍ من الأنفاس يمكن أن يكون فيه الموت فجأة ، فان لم يكن الموت فجأة فيكون المرض فجأة ، ثم يقضى إلى الموت. فمالك لا تستعدين للموت وهو أقرب إليك من كل قريب أما تتدبرين قوله تعالى
{ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (1) مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ } ويْحكِ يا نفسُ إن كانت جراءتك على معصية الله لاعتقادك أن الله لا يراكِ ، فما أعظم كفركِ وإن كان مع علمكِ بإطلاعه عليكِ ، فما أشدَّ وقاحتكِ وأقلَّ حياؤكِ . ويحكِ يا نفسُ ، لو واجهك عبدٌ من عبيدك ، بل أخ من إخوانك بما تكرهينه ، كيف كان غضبك عليه، ومقتك له ، فبأي جسارة تتعرضين لمقت الله وغضبه ، وشديد عقابه؟ أفتظنين أنك تطيقين عذابه ؟ هيهات هيهات ، جرِّبى نفسك إن ألهاك البطر عن أليم عذابه ، فاحتبسي ساعة في الشمس ، أو في بيت الحمام ، أو قربى إصبعك من النار ، ليتبين لكِ قدرُ طاقتكِ . أم تغترِّين بكرم الله وفضله، واستغنائه عن طاعتك وعبادتك ، فمالك لا تعوِّلين على كرم الله تعالى في مهمَّات دنياكِ ؟ فإذا قصدك عدوٌّ فلِمَ تستنبطين الحيَل في دفعه ، ولا تكلينه إلى كرم الله تعالى ، وإذا أرهقتكِ حاجة إلى شهوةٍ من شهوات الدنيا مما لا ينقضي إلا بالدينار والدرهم ، فمالك تنزعين الروح في طلبها وتحصيلها من وجوه الحيل؟ فلم لا تعولين على كرم الله تعالى حتى يعثر بك على كنز ، أو يسخر عبداً من عبيده ، فيحل إليك حاجتك من غير سعى منك ولا طلب؟ أفتحسبين أن الله كريمٌ في الآخرة دون الدنيا ، وقد عرفت أن سنة الله لا تبديل لها ، وأن رب الآخرة والدنيا واحد ، وأن ليس للإنسان إلا ما سعى . يانفس أما تستعدِّين للشتاء بقدرطول مدته فتجمعين له القوت والكسوة والحطب وجميع الأسباب ولاتتكلين في ذلك على فضل الله وكرمه حتي يدفع عنك البرد من غيرجُبَّة وحطب وغيرذلك فإنه قادرعلي ذلك ، أفتظنين أن العبد ينجو بغيرسعي؟ هيهات كما لا يندفع برد الشتاء إلا بالحطب والجبة وسائرالأسباب فلا يندفع حر النار وبردها إلا بحصن التوحيد وخندق الطاعات ، انظري يانفس بأي بدَنٍ تقفين بين يدي الله تعالي ، وبأي لسان تجيبين؟ وأعِدِّي للسؤال جواباً وأن يكون الجوابُ صواباً ، واعملي بقية عُمُرك في أيام قصارلأيام طوال ، وفي دار زوال إلي دار مقامة ، واعلمي أنه ليس للدين عوض، ولا للإيمان بدل ، ولا للجسد خلف ، ومن كانت مطيته الليل والنهارفإنه يُسارُ به وإن لم يَسِرْ ، فاتعظي يانفس بهذه الموعظة واقبلي هذه النصيحة ، فإن من أعرض عن الموعظة فقد رضي بالنار ) ..
فلا تدع أخي الكريم / أختي الكريمة نفسك لهواها وأَلزِمْها طاعة ربها لتسلم أذاها ، وأكثرمن لومها حتي تنتهي عن غيِّهَا ، ومن لم يكن لنفسه مُراعياً يُوشكُ ربه أن لايكون عنه راضياً
اللهَّم إنا نعوذ بك من شرور أنفسنا ، ومن سيِّئات أعمالنا ، اللهمَّ ارزقنا الإخلاص في القول والعمل ، واجعل أعمالنا خالصة لوجهك الكريم..
اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكّاها أنت وليها ومولاها
اللهمَّ إنَّا نعوذ بك من شرور أنفسنا ومن سيِّئات أعمالنا
آمين
Ghilizani المدير العام
لمُسَــاهَمَـــاتْ : 7258 العمر : 30 مزاج : تاريخ التسجيل : 05/05/2009
Subject: Re: موعظة في توبيخ النفس ومحاسبتها .... Sat 1 Jan أƒ 6:17
نورت المنتدى بمواضيعك القيمة
للتهور جنون و للقيادة فنون وللردود رجل مجنون
تعاّهدنا مــــعاّ عـــلى الاخــلاص والـــوفــاء تعاّهدنا غداّ سنعلى راّية الجهاّد في السماء تعاّهدنا باّن نكون اّقوى من الحصون العلياء