بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اجتنبوا السبع الموبقات " قالوا: يا رسول الله وما هنّ ؟ قال: " الشرك بالله, والسحر, وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق, وأكل الربا, وأكل مال اليتيم, والتولي يوم الزحف, وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات " متفق عليه
هذه السبع من الكبائر المهلكة, فإن معنى الموبقات: أي المهلكات, وليست الكبائر محصورة في هذه السبع, بل وردت نصوص في بيان كبائر أُخرى, كالحديث المتفق عليه " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ", ثلاثاً قلنا: بلى يا رسول الله, قال: " الإشراك بالله, وعقوق الوالدين, وشهادة الزور ", وكان متكئاً فجلس فقال: " ألا وقول الزور " ومازال يكررها حتى قلنا ليته سكت.
الموبقة الأولى: الشرك بالله
تعريفه:
هو أن يجعل العبد ندا لله من مخلوقاته, أي مثيلاً في صرف العبادة إليه, سواء صرف كل العبادات أو بعضها.
الأدلة على تحريمه
أولاً: من القرآن الكريم
قال الله عز وجل: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا النساء آية ( 48)
وقال الله عز وجل: إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَار المائدة آية ( 72 )
وقال الله عز وجل: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ لقمان آية ( 13 )
ثانياً: من السنة الصحيحة
* عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر " ثلاثاً، قالوا: بلى يا رسول الله. قال: " الإشراك بالله، وعقوق الوالدين " وجلس وكان متكئاً فقال: " ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور " قال: فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت. متفق عليه
* وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أيّ الذنب أعظم؟ قال: " أن تجعل لله ندا وهو خلقك "، قلت: ثم أيّ؟ قال: " أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك " قلت: ثم أيّ؟ قال: " أن تزاني بحليلة جارك " متفق عليه
* وعن أنس رضي الله عنه قال: سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الكبائر؟ قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، وشهادة الزور " متفق عليه
أنواع الشرك:
قال ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
الشرك نوعان: شرك أكبر مخرج عن الملة ، وشرك دون ذلك.
النوع الأول: الشرك الأكبر وهو " كل شرك أطلقه الشارع وهو يتضمن خروج الإنسان عن دينه " مثل أن يصرف شيئا من أنواع العبادة لله عز وجل لغير الله، كأن يصلي لغير الله، أو يصوم لغير الله، أو يذبح لغير الله، وكذلك من الشرك الأكبر أن يدعو غير الله ـ عز وجل ـ مثل أن يدعو صاحب قبر، أو يدعو غائباً ليغيثه من أمر لا يقدر عليه إلا الله ـ عز وجل ـ وأنواع الشرك معلومة فيما كتبه أهل العلم .
ومن صور الشرك الأكبر: الركوع أو السجود لمخلوق حي أو ميت, أو الطواف بالقبور, أو النذر لها, أو الاستغاثة بميت أو بحي بعيد أو بحي قريب فيما لا يقدر عليه إلا الله, كنزول المطر, أو شفاء مريض, فإذا حصل من العبد شيء من هذه الصور ونحوها يكون بذلك مشركاً شركاً أكبر لا يغفره الله له إن مات ولم يتب.
النوع الثاني: الشرك الأصغر وهو " كل عمل قولي، أو فعلي أطلق عليه الشرع وصف الشرك، ولكنه لا يخرج من الملة " مثل الحلف بغير الله فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ". فالحالف بغير الله الذي لا يعتقد أن لغير الله ـ تعالى من العظمة ما يماثل عظمة الله فهو مشرك شركا أصغر، سواء كان هذا المحلوف به معظماً من البشر أم غير معظم، لأن هذا شرك، لكنه شرك أصغر لا يخرج من الملة.
ومن أنواع الشرك الأصغر: الرياء مثل أن يقوم الإنسان يصلي لله عز وجل ولكنه يزين صلاته لأنه يعلم أن أحداً من الناس ينظر إليه فيزين صلاته من أجل مراءاة الناس فهذا مشرك شركاً أصغر، لأنه فعل العبادة لله لكن أدخل عليها هذا التزيين مراءاة للخلق، وكذلك لو أنفق ماله في شيء يتقرب به إلى الله لكنه أراد أن يمدحه الناس بذلك، فإنه مشرك شركاً أصغر، وأنواع الشرك الأصغر كثيرة معلومة في كتب أهل العلم.
الموبقة الثانية: السحر
تعريفه:
السحر في الشرع: مختص بكل أمر يخفى سببه ويتخيل على غير حقيقته ويجري مجرى التمويه والخداع قال تعالى: يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى طه آية (66)
وإنما ذكره الله بعد الشرك, لأنه داخل في الشرك فكثير منه لا يتوصل إليه إلا بالشرك, والتقرب إلى الشياطين بما تحب, فالسحر من تعليم الشياطين.
الأدلة على تحريمه:
أولاً: من القرآن الكريم
قال الله عز وجل: وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونٍَ البقرة آية ( 103)
ثانياً: من السنة الصحيحة
*عن أبي موسى رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن خمر، وقاطع رحم، ومصدق بالسحر" رواه أحمد، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي
*وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الرقى، والتمائم، والتولة شرك " رواه أحمد وأبوداود وابن ماجة والحاكم وصححه ووافقه الذهبي
قال الذهبي في كتاب الكبائر ( ص 34 ): " التِّوَلَةُ: نوع من السحر، وهو تحبيب المرأة إلى زوجها " أهـ.
علامات السحرة:
يسأل عن اسم أم المريض، ويطلب شيئاً من ملابسه أو يطلب ذبح حيوان بصفات معينة، ويلطخ مكان المرض بالدم، يكتب الطلاسم، ويرسم أشكال غريبة، ويقرأ عزائم بألفاظ غير مفهومة، يعطي حجباً بها جداول وحروف مقطعة، وربما طلب التبخر بأوراق عليها حروف أو أشكال، أو أنه يقوم بحركات عجيبة ويدعي أنها من سحره، أو أنه يدعي بأنه يقوم بالمغناطيس.
علاج المسحور:
أولاً: الأدعية المأثورة من الكتاب والسنة
سورة الفاتحة، وخمس آيات من أول سورة البقرة وآية 102 من سورة البقرة، وآية الكرسي، وأخر آيتين من سورة البقرة أيضاً، وآية 117ـ122 من سورة الأعراف وآية 81 ـ 82 من سورة النساء، وآية 69 من سورة طه، وأول عشر آيات من سورة الصافات، وآخر 4 آيات من سورة الحشر، وسورة الكافرون، والإخلاص، والفلق، والناس، والأدعية النبوية مثل قوله صلى الله عليه وسلم:
1) " باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم"
2) " أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة "
3) " باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك باسم الله أرقيك "
ثانياً : تناول الأدوية المباحة
1) مثل الحبة السوداء.
2) أوراق السدر الأخضر تدق ويقرأ عليها الآيات والأحاديث السابقة وينفث عليها تشرب ويغتسل بها.
3) أزهار الربيع: يجمع من أزهار الربيع وتوضع في ماء ويسخن ويقرأ عليها الآيات والأحاديث السابقة ثم تشرب ويغتسل بها.
4) الاستفراغ إما بالقيء أو الحجامة.
5) إتلاف السحر إن عثر عليه يقرأ عليه آية الكرسي والإخلاص والمعوذتين ثم يحرق بالنار.
الأدلة على تحريم إتيان السحرة والكهنة والمشعوذين:
*عن صفية رضي الله عنها عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة " رواه مسلم
* عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أتى حائضاً، أو امرأة في دبرها، أو كاهناً، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم " رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجة، واللفظ للترمذي
* ورواه الحاكم بلفظ: " من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم " وصححه ووافقه الذهبي
الموبقة الثالثة: قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق
تعريف النفس:
والمراد بالنفس: ـ في هذا الحديث ـ نفس المسلم المعصومة، والذمي، والمعاهد من غير المسلمين, ولاريب أن قتل النفس بغير حق من الكبائر المهلكة.
الأدلة على تحريمه:
أولاً: من القرآن الكريم
قال الله عز وجل: ومَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا النساء آية ( 93)
وقال الله عز وجل: مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا المائدة آية ( 32)
ثانياً: من السنة الصحيحة
* عن أنس رضي الله عنه قال: سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الكبائر؟ قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، وشهادة الزور " متفق عليه
* وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: إني من النقباء الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بايعنا: على أن لا نشرك بالله شيئاً، ولا نسرق، ولا نزني ، ولا نقتل النفس التي حرم الله، ولا ننتهب " متفق عليه
* وعن أسامة بن زيد بن حارثة رضي الله عنهما قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة من جهينة قال: فصبحنا القوم فهزمناهم قال: ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلاً منهم قال: فلما غشيناه قال: " لا إله إلا الله " قال: فكف عنه الأنصاري فطعنته برمحي حتى قتلته. قال: فلما قدمنا بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال: فقال لي: " يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله "؟ قال: قلت يا رسول الله إنما كان متعوذاً. قال: " أقتلته بعد ما قال لا إلا الله "؟ قال: فما زال يكررها عليّ حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم. متفق عليه
الموبقة الرابعة: أكل الربا
تعريفه:
الربا في الشرع: هو الزيادة في أشياء مخصوصة.
قال القرطبي: إن الشرع قد تصرف في هذا الإطلاق فقصره على بعض موارده. فمرة أطلقه على: كسب الحرام .كما قال الله تعالى في اليهود : وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ النساء: (161) ولم يرد به الربا الشرعي الذي حكم بتحريمه علينا وإنما أراد المال الحرام، كما قال تعالى: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ المائدة: (42) يعني به المال الحرام من الرشا، وما استحلوه من أموال الأميين حيث قالوا: لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ آل عمران: (75) وعلى هذا فيدخل فيه النهي عن كل مال حرام بأي وجه اكتسب.
الأدلة على تحريمه:
أولاً: من القرآن الكريم
قال الله عز وجل: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ البقرة الآيتان ( 275 و276)
وقال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ آل عمران الآية ( 130)
ثانياً: من السنة الصحيحة
* عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه: أنه اشترى غلاماً حجَّاماً فقال: " إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الدم، وثمن الكلب، وكسب البغي، ولعن آكل الربا، وموكله، والواشمة، والمستوشمة، والمصور" رواه البخاري
* وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه ـ في حديث الرؤيا الطويل ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ... وأما الرجل الذي أتيت عليه يسبح في النهر ويُلقم الحجارة فإنه آكل الربا ... " رواه البخاري
* وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: "هم سواء " رواه مسلم
أنواع الربا
1) ربا الفضل:
وهو البيع مع زيادة أحد العوضين المتفقي الجنس على الآخر .
* فالأصل أن الشيئين " العوضين " إذا كانا من جنس واحد واتفقا في العلة [ كانا موزونين أو مكيلين ] لابد لذلك من شرطين:
أ) التساوي وعلم المتعاقدين يقينا بذلك.
ب) التقابض قبل التفرق.
* وإذا كانا مختلفين في الجنس ومتحدين في العلة كبيع قمح بشعير مثلا فلا يشترط إلا التقابض وتجوز المفاضلة.
* أما إذا اختلفا في الجنس والعلة كأن تبيع قمحا بذهب أو فضة فلا يشترط فيه شيء من ذلك
عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلاً بمثل، سواء بسواء، يداً بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يداً بيد ". أخرجه مسلم
2) ربا النسيئة:
وهو زيادة الدين في نظير الأجل، وهو ربا الجاهلية الذي كانوا يتعاملون به ، فكان الرجل إذا أقرض آخر على أجل محدد، فإذا جاء الأجل ولم يستطع الأداء قال له: تدفع أو ترابي فيزيده في نظير زيادة الأجل.
الموبقة الخامسة: أكل مال اليتيم
تعريف اليتيم:
يتم الصبي بالكسر ييتم فهو يتيم والأنثى يتيمة وجمعها أيتام ويتامى وقد يجمع اليتيم على يتامى كأسير، وأسارى وإذا بلغا زال عنهما اسم اليتم حقيقة وقد يطلق عليهما مجازاً بعد البلوغ كما كانوا يسمون النبي صلى الله عليه وسلم وهو كبير يتيم أبي طالب لأنه رباه بعد موت أبيه.
الأدلة على تحريمه:
أولاً: من القرآن الكريم
قال الله عز وجل: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ البقرة آية ( 220)
وقال الله عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا النساء آية ( 10)
وقال الله عز وجل: وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ الأنعام آية 152
الموبقة السادسة: التولي يوم الزحف
تعريفه:
هو الفرار من الجهاد ولقاء العدو في الحرب، والزحف: الجيش يزحفون إلى العدو أي يمشون يقال: زحف إليه زحفاً إذا مشى نحوه .
الأدلة على تحريمه:
أولاً: من القرآن الكريم
قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ * وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ الأنفال الآيتان ( 15ـ 16)
قال ابن كثير في تفسيره ( 2/294 ) :" يقول تعالى متوعدا على الفرار من الزحف بالنار لمن فعل ذلك يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً أي: تقاربتم منهم ودنوتم إليهم فلا تولوهم الأدبارأي: تفروا وتتركوا أصحابكم ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفاً لقتال أي: يفر بين يدي قرنه مكيدة ليريه أنه قد خاف منه فيتبعه ثم يكر عليه فيقتله فلا بأس عليه في ذلك نص عليه سعيد بن جبير، والسدي، وقال الضحاك: أن يتقدم عن أصحابه ليرى غرة من العدو فيصيبها أو متحيزاً إلى فئة أي: فر من ها هنا إلى فئة أخرى من المسلمين يعاونهم ويعاونوه فيجوز له ذلك حتى لو كان في سرية ففر إلى أميره أو إلى الإمام الأعظم دخل في هذه الرخصة " أهـ.
ثانياً: من السنة الصحيحة
* عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اجتنبوا السبع الموبقات " قالوا: يا رسول الله وما هنّ؟ قال: " الشرك بالله, والسحر, وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق, وأكل الربا, وأكل مال اليتيم, والتولي يوم الزحف, وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات " متفق عليه
الموبقة السابعة: قذف المحصنات المؤمنات الغافلات
تعريف القذف:
أصل القذف: الرمي بالحجارة، وهو هنا رمي المرأة بالزنا، أو ما كان في معناه، واستعمل في هذا المعنى حتى غلب عليه يُقال: قذف يقذف قذفاً فهو قاذف.
تعريف المحصنات:
أصل الإحصان: المنع والمرأة تكون محصنه بالإسلام، والعفاف، والحرية والتزويج يقال: أحصنت المرأة فهي محصنة ومحصنة، وكذلك الرجل المحصن.
الأدلة على تحريمه:
أولاً: من القرآن الكريم
قال الله عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ النور الآيات ( 23ـ 25)
ثانياً: من السنة الصحيحة
* عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اجتنبوا السبع الموبقات " قالوا: يا رسول الله وما هنّ ؟ قال : " الشرك بالله, والسحر, وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق, وأكل الربا, وأكل مال اليتيم, والتولي يوم الزحف, وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات " متفق عليه
هذه عقوبة القاذف في الآخرة أما في الدنيا فقد قال الله عز وجل: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ النور آية ( 4 )
وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً،،،