يالله ( الفصل الاول )
{ يسأله من في السموات والارض كل يوم هو في شأن } : إذا اضطرب البحر وهاج الموج وهبت الريح العاصف ، نادى أصحاب السفينة : يا الله.
إذا ضل الحادي في الصحراء ومال الركب عن الطريق وحارت القافلة في السير ، نادوا : يا الله.
إذا وقعت المصيبة وحلت النكبة وجثمت الكارثة ، نادى المصاب المنكوب : يا الله.
إذا أوصدت الأبواب أمام الطلاب ، وأسدلت الستور في وجوه السائلين ، صاحوا : يا الله.
إذا بارت الحيل وضاقت السبل وانتهت الامال وتقطعت الحبال ، نادوا : يا الله.
إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت وضاقت عليك نفسك بما حملت ، فاهتفت : يا الله.
ولقد ذكرتك والخطوب كوالح *** سود ووجه الدهر أغبر قاتم
فهتفت في الأسحار باسمك صارخا **** فإذا محيا كل فجر باسم
إليه يصعد الكلم الطيب ، والدعاء الخالص ، والهاتف الصادق ، والدمع البريء ، والتفجع الواله.
إليه تمد الأكف في الأسحار ، والأيادي في الحاجات ، والأعين في الملقات ، والأسئلة في الحوادث.
باسمهتشدو الألسن وتستغيث وتلهج وتنادي ، وبذكره تطمئن القلوب وتسكن الأرواح ،وتهدأ المشاعر وتبرد الأعصاب ، ويثوب الرشد ، ويستقر اليقين ، { الله لطيفبعباده }
الله :
أحسن الأسماء وأجمل الحروف ، وأصدق العبارات وأثمن الكلمات ، { هل تعلم له سميا }
الله :
فإذا الغنى والبقاء ، والقوة والنصرة ، والعز والقدرة والحكمة ، { لمن الملك اليوم لله الواحد القهار }
ا لله :
فإذا اللطف والعناية ، والغوث والمدد ، والود والإحسان ، { ومابكم من نعمة فمن لله }
الله :
الجلال والعظمة ، والهيبة والجبروت.
مهما رشفنا في جلالك أحرفا *** قدسية تشدو بها الأرواح
فلأنت أعظم والمعاني كلها *** يارب عند جلالكم تنداح
اللهم فاجعل مكان اللوعة سلوة ، وجزاء الحزن سرورا ، وعند الخوف أمنا.
اللهم أبرد لاعج القلب بثلج اليقين ، وأطفىء جمر الأرواح بماء الإيمان.
يا رب ، ألق على العيون الساهرة نعاسة امنة منك ، وعلى النفوس المضطربة سكينة ، وأثبها فتحا قريبا.
يا رب اهد حيارى البصائر إلى نورك ، وضلال المناهج إلى صراطك ، والزائغين عن السبيل إلى هداك.
اللهمأزل الوساوس بفجر صادق من النور ، وأزهق باطل الضمائر بفيلق من الحق ، وردكيد الشيطان بمدد من جنود عونك مسومين. اللهم أذهب عنا الحزن ، وأزل عناالهم ، واطرد من نفوسنا القلق.
نعوذ بك من الخوف إلا منك ، والركون إلاإليك ، والتوكل إلا عليك ، والسؤال إلا منك ، والاستعانة إلا بك ، أنتولينا ، نعم المولى ونعم النصير.
فكر واشكر
المعنى أنتذكر نعم الله عليك فإذا هي تغمرك من فوقك ومن تحت قدميك { وان تعدوا نعمالله لا تحصوها } صحة في بدن ، أمن في وطن ، غذاء وكساء ، وهواء وماء ،لديك الدنيا وأنت ما تشعر ، تملك الحياة وأنت لا تعلم { واسبغ عليكم نعمهظاهرة وباطنة } عندك عينان ، ولسان وشففان ، ويدان ورجلان { فبأي الاءربكما تكذبان } هل هي مسئلة سهلة أن تمشي على قدميك ، وقد بترت أقدام؟!وأن تعتمد على ساقيك ، وقد قطعت سوق؟! أحقير أن تنام ملء عينيك وقد أطارالألم نوم الكثير؟! وأن تملأ معدتك من الطعام الشهي وأن تكرع من الماءالبارد وهناك من عكر عليه الطعام ، ونغص عليه الشراب بأمراض وأسقام؟! تفكرفي سمعك وقد عوفيت من الصمم ، وتأمل في نظرك وقد سلمت من العمى ، وانظرإلىجلدك وقد نجوت من البرص والجذام ، والمح عقلك وقد أنعم عليك بحضوره ولمتفجع بالجنون والذهول .
أتريد في بصرك وحده كجبل أحد ذهبا ؟! أتحب بيعسمعك وزن ثهلان فضة؟! هل تشتري قصور الزهراء بلسانك فتكون أبكم؟! هل تقايضبيديك مقابل عقود اللؤلؤ والياقوت لتكون أقطع؟! إنك في نعما عميمة وأفضالجسيمة ، ولكنك لا تدري ، تعيش مهموما مغموما حزينا كئيب! وعندك الخبزالدافىء ، والماء البارد ، والنوم الهانىء ، والعافية الوارفة ، تتفكر فيالمفقود ولا تشكر الموجود ، تنزعج من خسارة مالية وعندك مفتاح السعادة ،ومن اطير مقنطرة من الخير والمواهب والنعم والأشياء ، فكر واشكر { وفيانفسكم افلا تبصرون } فكر في نفسك ، وأهلك ، وبيتك ، وعملك ، وعا فيتك ،وأصدقائك ، والدنيا من حولك { يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها }
ما مضى فات
تذكرالماضي والتفاعل معه واستحضاره ، والحزن لماسيه حمق وجنون ، وقتل للإرادةوتبديد للحياة الحاضرة. ان ملف الماضي عند العقلاء يطوى ولا يروى ، يغلقعليه أبدا في زنزانة النسيان ، يقيد بحبال قوية في سجن الإهمال فلا يخرجأبدا ، ويوصد عليه فلا يرى النور ، لأنه مضى وانتهى ، لا الحزن يعيده ، لاالهم يصلحه ، لا الغم يصححه ، لا الكدر يحييه ، لأنه عدم ، لا تعش فيكابوس الماضي وتحت مظلة الفائت ، أنقذ نفسك من شبح الماضي ، أتريد أن تردالنهر إلى مصبه ، والشمس إلى مطلعها ، والطفل إلى بطن أمه ، واللبن إلىالثدي ، والدمعة إلى العين ، إن تفاعلك مع الماضي ، وقلقك منه واحتراقكبناره ، وانطراحك على أعتابه وضع مأساوي رهيب مخيف مفزع.
القراءة فيدفتر الماضي ضياع للحاضر ، وتمزيق للجهد ، ونسف للساعة الراهنة ، ذكر اللهالأمم وما فعلت ثم قال : { تلك امة قد خلت } انتهى الأمر وقضي ، ولا طائلمن تشريح جثة الزمان ، وإعادة عجلة التا ريخ.
إن الذي يعود للماضي ،كالذي يطحن الطحين وهو مطحون أصلا ، وكالذي ينشر نشارة الخشب. وقديماقالوا لمن يبكي على الماضي : لا تخرج الأموات من قبورهم ، وقد ذكر منيتحدث على ألسنة البهائم أنهم قالوا للحمار لم لا تجتر؟ قال : أكره الكذب.
إنبلاءنا أننا نعجز عن حاضرنا ونشتغل بماضينا ، نهمل قصورنا الجميلة ، ونندبالأطلال البالية ، ولئن اجتمعت الإنس والجن على إعادة ما مضى لما استطاعوالأن هذا هو المحال بعينه.
إن الناس لا ينظرون إلى الوراء ولا يلتفتونإلى الخلف ، لأن الريح تتجه إلى الأمام والماء ينحدر إلى الأمام والقافلةتسير إلى الأمام ، فلا تخالف سنة الحياة.
يومك يومك
إذاأصبحت فلا تنتظر المساء ، اليوم فحسب ستعيش ، فلا أمس الذي ذهب بخيره وشره، ولا الغد الذي لم يات إلى الان . اليوم الذي أظلتك شمسه ، وأدركك نهارههو يومك فحسب ، عمرك يوم واحد ، فاجعل في خلدك العيش لهذا اليوم وكأنكولدت فيه وتموت فيه حينها لا تتعثر حياتك بين هاجس الماضي وهمه وغمه ،وبين توقع المستقبل وشبحه المخيف وزحفه المرعب ، لليوم فقط اصرف تركيزكواهتمامك وإبداعك وكدك وجدك ، فلهذا اليوم لابد أن تقدم صلاة خاشعة وتلاوةبتدبر واطلاعا بتأمل ، وذكرا بحضور ، واتزانا في الأمور ، وحسنا في خلق ،ورضا بالمقسوم ، واهتماما بالمظهر ، واعتناء بالجسم ، ونفعا للاخرين.
لليومهذا الذي أنت فيه فتقسم ساعاته وتجعل من دقائقه سنوات ، ومن ثوانيه شهور ،تزرع فيه الخير ، تسدي فيه الجميل ، تستغفر فيه من الذنب ، تذكر فيه الرب، تتهيا للرحيل ، تعيش هذا اليوم فرحا وسرورا ، وأمنا وسكينة ، ترضى فيهبرزقك ، بزوجتك ، بأطفالك بوظيفتك ، ببيتك ، بعلمك ، بمستواك { فخذ مااتيتك وكن من الشاكرين } تعيش هذا اليوم بلا حزن ولا انزعاج ، ولا سخط ولاحقد ، ولا حسد. إن عليك أن تكتب على لوح قلبك عبارة واحدة تجعلها أيضا علىمكتبك تقول العبارة : (يومك يومك). إذا أكلت خبزا حارا شهيا هذا اليوم فهليضرك خبز الأمس الجاف الرديء ، أو خبز غد الغائب المنتظر.
إذا شربت ماء عذبا زلالا هذا اليوم ، فلماذا تحزن من ماء أمس الملح الأجاج ، أو تهتم لماء غدا الاسن الحار.
إنكلو صدقت مع نفسك بإرادة فولاذية صارمة عارمة لأخضعتها لنظرية : لن أعيشإلى هذا اليوم. حينها تستغل كل لحظة في هذا اليوم في بناء كيانك وتنميةمواهبك ، وتزكية عملك ، فتقول : لليوم فقط أهذب ألفاظي فلا أنطق هجرا أوفحشا ، أو سبا ، أو غيبة ، لليوم فقط سوف أرتب بيتي ومكتبتي ، فلا ارتباكولا بعثرة ، وإنما نظام ورتابة. لليوم فقط سوف أعيش فأعتني بنظافة جسمي ،وتحسين مظهري والاهتمام بهندامي ، والاتزان في مشيتي وكلامي وحركاتي.
لليومفقط سأعيش فأجتهد في طاعة ربي ، وتأدية صلاتي على أكمل وجه ، والتزودبالنوافل ، وتعاهد مصحفي ، والنظر في كتبي ، وحفظ فائدة ، ومطالعة كتابنافع.
لليوم فقط سأعيش فأغرس في قلبي الفضيلة وأجتث منه شجرة الشربغصونها الشائكة من كبر وعجب ورياء وحسد وحقد وغل وسوء ظن لليوم فقط سوفأعيش فأنفع الاخرين ، وأسدي الجميل إلى الغير ، أعود مريضا ، أشيع جنازة ،أدل حيران ، أطعم جائعا ، أفرج عن مكروب ، أقف مع مظلوم ، أشفع لضعيف ،أواسي منكوبا، اكرم عالما ، أرحم صغيرا ، أجل كبيرا.
لليوم فقط سأعيشفيا ماض ذهب وانتهى اغرب كشمسك ، فلن أبكي عليك ولن تراني أقف لأتذكركلحظة ، لأنك تركتنا وهجرتنا وارتحلت عنا ولن تعود إلينا أبد الابدين.
ويامستقبل أنت في عالم الغيب فلن أتعامل مع الأحلام ، ولن أبيع نفسي معالأوهام ولن أتعجل ميلاد مفقود ، لأن غدا لا شيء لأنه لم يخلق ولأنه لميكن مذكورا.
يومك يومك أيها الإنسان أروع كلمة في قاموس السعادة لمن أراد الحياة في أبهى صورها وأجمل حللها.
اترك المستقبل حتى ياتي
{اتى امر الله فلا تستعجلوه } لا تستبق الأحداث ، أتريد إجهاض الحمل قبلتمامه ، وقطف الثمرة قبل النضج ، إن غدامفقود لا حقيقة له ، ليس له وجود ،ولاطعم ، ولا لون ، فلماذا نشغل أنفسنا به ، ونتوجس من مصائبه ، ونهتملحوادثه ، نتوقع كوارثه ، ولا ندري هل يحال بيننا وبينه ، أو نلقاه ، فإذاهو سرور وحبور ، المهم أنه في عالم الغيب لم يصل إلى الأرض بعد ، إن عليناأن لا نعبر جسراحتى نأتيه ، ومن يدري؟ لعلنا نقف قبل وصول الجسر ، أو لعلالجسر ينهار قبل وصولنا ، وربما وصلنا الجسر ومررنا عليه بسلام.
إنإعطاء الذهن مساحة أوسع للتفكير في المستقبل وفتح كتاب الغيب ثم الاكتواءبالمزعجات المتوقعة ممقوت شرعا ، لأنه طول أمل ، ومذموم عقلأ ، لأنهمصارعة للظل. إن كثيرا من هذا العالم يتوقع في مستقبله الجوع العري والمرضوالفقر والمصائب ، وهذا كله من مقررات مدارس الشيطان { الشيطان يعدكمالفقر ويامركم باالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا } كثير هم الذينيبكون ، لأنهم سوف يجوعون غدا ، وسوف يمرضون بعد سنة ، وسوف ينتهي العالمبعد مائة عام. إن الذي عمره في يد غيره لا ينبغي له أن يراهن على العدم ،والذي لا يدري متى يموت لا يجوز له الاشتغال بشيء مفقود لا حقيقة له.
اترك غدا حتى ياتيك ، لا تسأل عن أخباره ، لا تنتظر زحوفه ، لأنك مشغول باليوم.
وان تعجب فعجب هؤلاء يقترضون الهم نقدا ليقضوه نسيئة في يوم لم تشرق شمسه ولم ير النور ، فحذار من طول الامل
كيف تواجه النقد الاثم
الرقعاءالسخفاء ستوا الخالق الرازق جل في علاه ، وشتموا الواحد الأحد لا إله إلأهو ، فماذا أتوقع أنا وأنت ونحن أهل الحيف والخطأ ، إنك سوف تواجه فيحياتك حربا! ضروسا لا هوادة فيها من النقد الاثم المر ، ومن التحطيمالمدروس المقصود ، ومن الإهانة المتعمدة مادام أنك تعطي وتبني وتؤثر وتسطعوتلمع ، ولن يسكت هؤلاء عنك حتى تتخذ نفقا في الأرض أو سلما في السماءفتفر من هؤلاء ، أما وأنت بين أظهرهم فانتظر منهم ما يسوؤك ويبكي عينك ،ويدمي مقلتك ، ويقض مضجعك.
إن الجالس على الأرض لا يسقط ، والناس لايرفسون كلبا ميتا ، لكنهم يغضبون عليك لأنك فقتهم صلاحا ، أو علما ، أوأدبا ، أو مالأ ، فأنت عندهم مذنب لا توبة لك حتى تترك مواهبك ونعم اللهعليك ، وتنخلع من كل صفات الحمد ، وتنسلخ من كل معاني النبل ، وتبقىبليدا!غبيا صفرا محطما ، مكدودا ، هذا ما يريدون بالضبط.
اذا فاصمدلكلام هؤلاء ونقدهم وتشويههم وتحقيرهم "أثبت أحد" وكن كالصخرة الصامتةالمهيبة تتكسر عليها حبات البرد لتثبت وجودها وقدرتها على البقاء. إنك إنأصغيت لكلام هؤلاء وتفاعلت به حققت أمنيتهم الغالية في تعكير حياتك وتكديرعمرك ، الا فاصفح الصفح الجميل ، ألا فأعرض عنهم ولا تك في ضيق ممايمكرون. إن نقدهم السخيف ترجمة محترمة لك ، وبقدر وزنك يكون النقد الاثمالمفتعل.
إنك لن تستطيع أن تغلق أفواه هؤلاء ولن تستطيع أن تعتقلألسنتهم لكنك تستطيع أن تدفن نقدهم وتجنيهم بتجافيك لهم ، وإهمالك لشأنهم، وإطراحك لأقوالهم!. { قل موتوا بغيظكم } بل تستطيع أن تصب في أفواههمالخردل بزيادة فضائلك وتربية محاسنك وتقويم اعوجاجك.
إن كنت تريد أن تكون مقبولأ عند الجميع ، محبوبا لدى الكل ، سليما من العيوب عند العالم ، فقد طلبت مستحيلأ وأملت أملأ بعيدا.
لا تنتظر شكرا من احد
خلقالله العباد ليذكروه ورزق الله الخليقة ليشكروه ، فعبد الكثير غيره ، وشكرالغالب سواه ، لأن طبيعة الجحود والنكران والجفاء وكفران النعم غالبة علىالنفوس ، فلا تصدم إذا وجدت هؤلاء قد كفروا جميلك ، وأحرقوا إحسانك ،ونسوا معروفك ، بل ربما ناصبوك العداء ، ورموك بمنجنيق الحقد الدفين ، لالشيء إلأ لأنك أحسنت إليهم { وما نقموا الا ان اغناهم الله ورسوله من فضله} وطالع سجل العالم المشهود ، فإذا في فصوله قصة أب ربى ابنه وغذاه وكساهوأطعمه وسقاه ، وأدبه ، وعلمه ، سهر لينام ، وجاع ليشبع ، وتعب ليرتاح ،فلما طرشارب هذا الابن وقوي ساعده ، أصبح لوالده كالكلب العقور ، استخفافا، ازدراء ، مقتا ، عقوقا صارخا ، عذابا وبيلأ.
ألا فليهدأ الذين احترقت أوراق جميلهم عند منكوسي الفطر ، ومحطمي الإرادات ، وليهنأوا بعوض المثوبة عند من لا تنفذ خزائنه.
إنهذا الخطاب الحار لا يدعوك لترك الجميل ، وعدم الإحسان للغير ، وإنمايوطنك على انتظار الجحود ، والتنكر لهذا الجميل والإحسان ، فلا تبتئس بماكانوا يصنعون.
اعمل الخير لوجه الله ، لأنك الفائز على كل حال ، ثم لايضر غمط من غمطه ، ولا جحود من جحده ، واحمد الله لأنك المحسن ، وهوالمسيء واليد العليا خير من اليد السفلى { انما نطعمكم لوجه الله لانريدمنكم جزاء ولاشكورا } وقد ذهل كثير من العقلاء من جبلة الجحود عند الغوغاء، وكأنهم ما سمعوا الوحي الجليل وهو ينعي على الصنف عتؤه وتمرده { مر كانلم يدعنا الى ضر مسه } لا تفاجأ إذا أهديت بليدا قلما فكتب به هجاءك ، أومنحت جافيا عصا يتوكأ عليها ويهش بها على غنمه ، فشج بها رأسك ، هذا هوالأصل عند هذه البشرية المحنطة في كفن الجحود مع باريها جل في علاه ، فكيفبها معي ومعك.
الاحسان الى الغير انشراح للصدر
الجميلكاسمه ، والمعروف كرسمه ، والخير كطعمه. أول المستفيدين من إسعاد الناس همالمتفضلون بهذا الإسعاد ، يجنون ثمرته عاجلا في نفوسهم ، وأخلاقهم ،وضمائرهم ، فيجدون الانشراح والانبساط ، والهدوء والسكينة.
فإذا طاف بكطائف من هئم أو ألم بك غم فامنح غيرك معروفا واسد له جميلأ تجد الفرجوالراحة. اعط محرومأ ، انصر مظلومأ ، أنقذ مكروبا ، أطعم جائعأ ، عد مريضأ، أعن منكوبا ، تجد السعادة تغمرك من بين يديك ومن خلفك.
إن فعل الخيركالمسك ينفع حامله وبائعه ومشتريه ، وعوائد الخير النفسية عقاقير مباركةتصرف في صيدلية الذي عمرت قلوبهم بالبر وا لإحسان.
ان توزيع البسماتالمشرقة على فقراء الأخلاق صدقة جارية في عالم القيم ( ولو ان تلقى اخاكبوجه طلق ) وإن عبوس الوجه إعلان حرب ضروس على الاخرين لا يعلم قيامها إلأعلأم الغيوب.
شربة ماء من كف بغي لكلب عقور أثمرت دخول جنة عرضها السموات والأرض لأن صاحب الثواب غفور شكور جميل ، يحب الجميل ، غني حميد.
يامن تهددهم كوابيس الشقاء والفزع والخوف هلموا إلى بستان المعروف وتشاغلوابالغير ، عطاء وضيافة ومواساة وإعانة وخدمة وستجدون السعادة طعمأ ولونأوذوقأ { وما لاحد عنده من نعمة تجزى الا ابتغاء وجه ربه الاعلى ولسوف يرضى}
أطرد الفراغ بالعمل
الفارغون في الحياة هم أهلالأراجيف والشائعات لأن أذهانهم موزعة { رضوا بان يكونوا مع الخوالف } إنأخطر حالات الذهن يوم يفرغ صاحبه من العمل فيبقى كالسيارة المسرعة فيانحدار بلا سائق تجنح ذات اليمين وذات الشمال.
يوم تجد في حياتك فراعافتهيا حينها للهم والغم والفزع ، لأن هذا الفراغ يسحب لك كل ملفات الماضيوالحاضر والمستقبل من أدراج الحياة فيجعلك في أمر مريج ، ونصيحتي لكولنفسي أن تقوم بأعمال مثمرة بدلأ من هذا الاسترخاء القاتل لأنه وأد خفي ،وانتحار بكبسول مسكن.
إن الفراغ أشبه بالتعذيب البطيء الذي يمارس فيسجون الصين بوضع السجين تحت أنبوب يقطر كل دقيقة قطرة ، وفي فترات انتظارهذه القطرات يصاب السجين بالجنون.
الراحة غفلة ، والفراغ لص محترف ، وعقلك هو فريسة ممزقة لهذه الحروب الوهمية.
اذاقم الان صل أو اقرأ ، أو سبح ، أو طالع ، أو اكتب ، أو رتب مكتبك ، أوأصلح بيتك ، أو انفع غيرك حتى تقضي على الفراغ وإني لك من الناصحين.
اذبحالفراغ بسكين العمل ، ويضمن لك أطباء العالم 50% من السعادة مقابل هذاالإجراء الطارىء فحسب ، انظر إلى الفلاحين والخبازين والبناءين يغردونبالأناشيد كالعصافير في سعادة وراحة وأنت على فراشك تمسح دموعك وتضطربلأنك ملدوغ.