سَقاني سُبَيعٌ شُربَةَ فَرَويتُها
تَذَكَرتُ مِنها أَينَ أَمَّ البَوارِدِ
أَشَتَّ بِقَلبي مَن هَواهُ بِساجَرٍ
وَمَن هُوَ كوفِيٌّ هَوى مُتَباعِدُ
فَقُلتُ لِأَصحابي المُزَجّينَ نَيبَهُم
كَلا جانَبي بابٌ لِمَن راحَ قاصِدُ
كِلا ذَينِكَ الحَيَّينِ أَصبَحَ دارُهُ
نَآنِيَ إِلاّ أَن تَخُبَّ القَصائِدُ
وَأَشعَثُ قَد شَفَّ الهَواجُرُ وَجهَهُ
وَعَيساءُ تَسدو مَرَّةً وَتُواغِدُ
كَأَخنَسَ مَوشِيِّ الأَكارِعِ راعَهُ
بِرَوضَةِ مَعروفٍ لَيالٍ صَوارِدُ
رَعى غَيرَ مَذعورٍ بِهنَّ وَراقَهُ
لُعاعٌ تَهاداهُ الدَكادِكُ واعِدُ
فَلَم يَرَ إِلاّ سَبعَةً قَد رَهَقنَهُ
حَوانيَ في أَعناقِهِنَّ القَلائِدُ
لَهُنَّ عَلَيهِ المَوتُ وَالمَوتُ دونَهُ
عَلى حَدِّ رَوقَيهِ مُذابٌ وَجامِدُ
وَلَو شاءَ أَنجاهُ فَلَم تَلتَبِس بِهِ
لَهُ غائِبٌ لَم يَبتَذِلهُ وَشاهِدُ
وَلَكِن رَدى ثُمَّ اِرعوى حَلِساً بِهِ
يُمارِسُها حيناً وَحيناً يُطاردُ
فَلا غَروَ إِلاّ هُنَّ وَهو كَأَنَّهُ
شِهابٌ يُفَرِّيهِنَّ بِالجَوِ واقِدُ
إِذا كَرّ فيها كَرَّةً فَكَأَنَّها
دَفينُ نِقالٍ يَختَفَيهِنَّ سارِدُ