أغنى الناس....
نأخذ من وصية رسول الله صلى الله عليه و سلم لأبي هريرة رضي الله عنه قوله له : و ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس .
فالغني ليس بكثرة العرض و لكن الغنى غنى القلب .
و القناعة كنز لا يفنى فكم من فقير في المال غني القلب و كم من غني في المال فقير في القلب كلما زاد ماله زاد طمعه و بخله . كالعطشان الذي يشرب من ماء البحر ليرتوي و كلما زاد شربه زاد عطشه أكثر فأكثر . قال صلى الله عليه و سلم : ((لو كان لابن آدم واد من ذهب و فضة لتمنى أن يكون له وادٍ آخر )) و من هنا كانت وصيته صلى الله عليه و سلم : ((و ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس)) إذ أن الرضا عن الله فيما قسم من رزق فريضة مسعدة بينما الاعتراض على قضائه فيما قدر من رزق مع التواكل يؤدي إلى حياة تعيسة و هو سقوط شنيع من عين الله تعالى و رحمته .
فالرضي فريضة و السخط حرام . و القناعة راحة و الطمع جنون يحمل صاحبه على معصية الله . قال صلى الله عليه و سلم : ((إن روح القدس نفث قي روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها و أجلها)) . فما عند الله من خيرات حسان في ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر . هي لعباده المتقين الراضين عما قسم الله لهم . فحين تستعجل الدنيا ولو بالحرام تخسر الآخرة الحلال . قال صلى الله عليه و سلم (أعطو الله الرضا من قلوبكم تظفروا بثواب فقركم و إلا فلا .)) كما قال صلى الله عليه و سلم : (( إذا أراد الله بعبدٍ خيراً أرضاه بما قسم له)).