السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته
إنَّ من سوابغ نعم الله عليَّ أن ألتقي بكم في هذا المنتدى وبمثل هذه الوجوه التي لا أحسبها إلا بالإيمان مشرقة، والبصائر التي لا أظنُّها إلا باليقين متفتحة، والقلوب التي لا أحجوها إلا بالصدق عامرة، والآذان التي لا أُراها إلا للخير سامعة واعية، فلله الحمد في الأولى والآخرة. كل من تلقاه أو يحدِّثُك يأخذ منك ويعطيك، ويترك في نفسك أثراً حسناً أو سيئاً مؤقتاً أو باقياً، ومن تلتقي بهم في دروب الحياة على أصناف ثلاثة -كما يقول الحكيم- فمنهم من يمر مرور السَّيل العَرَمْرَم الدَّفَّاع يدمر العمران، ويقتل الحيوان، ويؤذي الإنسان، ومنهم من يمر مرور ماء النهر على الصخر لا يترك أثراً، فلا يُنبت زهراً، ولا يُخرج ثمراً، ومنهم من يمر مرور الماء على الأرض البِكر تكون قبله قاحلات مُمْحلات، وتصير بعده جنات وبساتين مُمْرعات، مبارك أينما كان. درة كيفما أديرت أضاءت ومشم من حيثما شم فاحا
أينما وَقَع نَفَع: كالغيث من كبد السحاب هطوله يغشى البلاد مشارقاً ومغاربا
كالبدر من حيث التفتَّ رأيته يُهدي إلى عينيكَ نوراً ثاقبا
فأرجو الله بمَنِّه وكرمه أن نكون من هذا الصنف المبارك. مثل فرع بدوحة العز تأوي تحت أفنانه عفاة الديار
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: الناس في هذه الدار على جناح سفر، وكلٌ مسافر ظَاعِن إلى مقصده، ونازلٌ على من يسر بالنزول عليه، وطالب الله والدار الآخرة إنما هو ظاعن إلى الله في حال سفره، ونازل عليه عند القدوم عليه. وللمسافر غايات يؤمِّلها لا شيء يشغله عنها فيحصيها
ضياء