السلام عليكم اقترحنا انا والصديقة هيبة هذا الموضوع
ونرجوا ان يعجبكم صدقوني طويل لكنه مفيـــــــــد
لمن لايسمع
الاغاني الغزليه والموسيقى ..فهنيئا له ..
ولكن لا تنسى ان تقرأ هذه
الرسالة للإستفادة
ولمن يسمع فهذه رساله ........
والله لولا
انني احببتك في الله لما أهمني ولما ارسلت لك هذه الرسالة ...
اولا
اريد أن اسالك بصدق ...
ثـــلاثة اسئلة ؟
السؤال الاول : لو
كنت جالسا تنظف اذنك بمنظف الآذان وفجأة سقط اخوك من الركض على اذنك دون
قصد منه فدخل هذا العود في اذنك ثواني اترى كيف شدة ألمها ؟؟ كيف تتحمل
وتصبر؟؟وهل تنام الليل من وجعها؟؟ قد اصبر رغم الوجع
فما بالك بحديد
مذاب من النار يدخل اذنيك ومدة طويلة حماك الله ورعاك ..؟؟
...........لا
اجد الجواب هل من جواب يا اصدقاء
السؤال الثاني :
اذا دخلت
الجنة بإذن الله بعد رحمته تعالى ونجاتك
تدخل الجنة وترى اهلها
يتمتعون بالموسيقى فتتمنى ان تسمعها ولكن لن يسمعها في الجنة من كان يسمعها
في الدنيا
مثله مثل شارب الخمرفي الدنيا حينما ينحرم من لذة الشرب
في الجنة ؟؟
اتستبدل بالذي هو ابقى والذ ؟؟ بالفاني ؟؟
حينها
تتمنى انك لم تسمع موسيقى في الدنيا لتسمعها في الجنة ....فهل ينفع الندم
؟؟
..............الندم لا ينفع ؟؟؟؟؟؟؟
السؤال الثالث :
هل
انت مرتاح بأن تتسمع للاغاني؟؟
اتحداك اذا كان قلبك مرتاح او مطمئن
لهذا ....
....اتدري لماذا تحديت ؟؟؟لأنك مسلم ...
والمسلم
قلبه دليله لا يرتاح لذنب ..بل كله هموم واحزان ونكد حماك الله
ماذا
قال العلماء ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ الاغاني في الاسلام )الاغاني الغزلية (
r
/>الموسيقى و الغناء في الإسلام
الحمد لله و الصلاة و
السلام على رسول الله ، في هذه الرسالة نعرض لفتنة سقط فيها الكثير و
الكثير منّا للأسف الشديد.البعض يحلل على هواه و البعض يحرّم دون دليل ، و
البعض لا يكترث جهلاً منه بضرر ذلك البالغ على القلب و منه إلى المعتقد و
منه إلى الفعل فيفسد إيمانه من جميع نواحيه. حاولنا على قدر المستطاع أن
يشبع العرض كل من يقرأه ، و لكننا أقل من ذلك بكثير، لذا أخذنا أساسها من
ملخص رسالة " الضرب بالنوى لمن أباح المعازف للهوى" للشيخ سعد الدين بن
محمد الكبي و أضفنا لها ما هدانا له الله-عوّ و جلّ- من الأدلة الشرعية
التي لم تكن بها.
فما أصبنا فيه فمن الله و ما أخطأنا فيه فهو من
أنفسنا و من الشيطان.
أدلة التحريم من الكتاب والسنة :
قال
الله تعالى في سورة لقمان : " ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل
الله "- قال ابن عباس رضي الله عنهما : لهو الحديث الباطل والغناء (4)،
-
وقال مجاهد رحمه الله : اللهو الطبل (5) ،
- وقال الحسن البصري
رحمه الله : نزلت هذه الآية في الغناء والمزامير
- وقال السعدي رحمه
الله : فدخل في هذا كل كلام محرم ، وكل لغو وباطل ، وهذيان
من
الأقوال المرغبة في الكفر والعصيان ، ومن أقوال الرادين على الحق المجادلين
بالباطل ليدحضوا به الحق ، ومن غيبة ونميمة وكذب وشتم وسب ، ومن غناء
ومزامير شيطان ، ومن الماجريات الملهية التي لا نفع فيها في دين ولا دنيا
(6).
- قال ابن القيم رحمه الله: ويكفي تفسير الصحابة والتابعين
للهو الحديث بأنه الغناء:
# فقد قال أبو الصهباء : سألت ابن مسعود
عن قوله تعالى : " ومن الناس من يشتري لهو الحديث " ، فقال : والله الذي لا
إله غيره هو الغناء - يرددها ثلاث مرات - (صح ذلك عن ابن عباس وابن مسعود )
#
وصح عن ابن عمر رضي الله عنهما أيضا أنه الغناء .
والغناء رقية
الزنا و منبت النفاق و شرك الشيطان و خمرة العقل ، و صده عن القرآن أعظم من
صد غيره من الكلام الباطل لشدة ميل النفوس إليه ورغبتها فيه ، فإن الآيات
تضمنت ذم استبدال لهو الحديث بالقرآن ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها
هزوا ، وإذا يتلى عليه القرآن ولى مدبرا كأن لم يسمعه كأن في أذنيه وقراً ،
هو الثقل والصمم ، وإذا علم منه شيئا استهزأ به ، فمجموع هذا لا يقع إلا
من أعظم الناس كفرا وإن وقع بعضه للمغنين ومستمعيهم فلهم حصة ونصيب من هذا
الذم . انتهى. (7)
وقال تعالى : { واستفزز من استطعت منهم بصوتك
واجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم
الشيطان إلا غرورا } الإسراء :63،64
- عن مجاهد رحمه الله قال :
استنزل منهم من استطعت ، قال : وصوته الغناء والباطل .
- قال ابن
القيم رحمه الله : ( وهذه الإضافة إضافة تخصيص كما أن إضافة الخيل والرجل
إليه كذلك ، فكل متكلم في غير طاعة الله أو مصوت بيراع (اليراع: آلة من
آلات العزف) أو مزمار أو دف حرام أو طبل فذلك صوت الشيطان ، وكل ساع إلى
معصية الله على قدميه فهو من رَجِله وكل راكب في معصيته فهو من خيالته ،
كذلك قال السلف كما ذكر ابن أبي حاتم عن ابن عباس : رَجِله كل رجل مشت في
معصية الله ) ( .
وقال تعالى : " أفمن هذا الحديث تعجبون ، وتضحكون
ولا تبكون ، وأنتم سامدون "
- قال عكرمة رحمه الله : عن ابن عباس
السمود هو الغنا، يقال : اسمدي لنا أي غني .
- كما قال رحمه الله :
كانوا إذا سمعوا القرآن تغنوا فنزلت هذه الآية .
- وقال ابن كثير
رحمه الله في تفسيره : وقوله تعالى " وأنتم سامدون " قال سفيان الثوري عن
أبيه عن ابن عباس قال : اسمد لنا تعني غنِّ لنا .
عن أبي أمامة رضي
الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تبيعوا القينات ، ولا
تشتروهن ولا تعلموهن ، ولا خير في تجارة فيهن ، وثمنهن حرام ، في مثل هذا
أنزلت هذه الآية : " ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله "
حسن .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليكونن من أمتي أقوام
يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف .. " (9)
- وفي الحديث دليل
على تحريم آلات العزف والطرب من وجهين:
أولهما : قوله صلى الله عليه
وسلم : " يستحلون " ، فإنه صريح بأن المذكورات ومنها المعازف هي في الشرع
محرمة ، فيستحلها أولئك القوم .
ثانيا : قَرَنَ المعازف مع المقطوعة
حرمته : الزنا والخمر ، ولو لم تكن محرمة ما قرنها معها ودلالة هذا الحديث
على تحريم الغناء دلالة قطعية ، ولو لم يَرِد في المعازف حديث ولا آية سوى
هذا الحديث لكان كافيا في التحريم وخاصة في نوع الغناء والذي يعرفه الناس
اليوم . هذا الغناء الذي مادته ألفاظ الفحش والبذاءة ، وقوامه المعازف
المختلفة من موسيقى وقيثارة وطبل ومزمار وعود وقانون وأورج وبيانو وكمنجة ،
ومتمماته ومحسناته أصوات المخنثين ونغمات العاهرات . (10)
- قال
شيخ الإسلام رحمه الله : فدل هذا الحديث على تحريم المعازف ، وهذا اسم
يتناول هذه الآلات كلها ، كما قال: وأعلم أنه لم يكن في عنفوان القرون
الثلاثة المفضلة لا بالحجاز ولا بالشام ولا باليمن ولا مصر ولا المغرب ولا
العراق ولا خرسان من أهل الدين والصلاح والزهد والعبادة من يجتمع على مثل
سماع المكاء والتصدية ولا بدفّ ولا بكفّ ولا بقضيب وإنما أحدث هذا بعد ذلك
في أواخر المائة الثانية فلما رآه الأئمة أنكروه . أهـ (11)
عن نافع
رحمه الله قال : " سمع ابن عمر مزمارا ، قال : فوضع إصبعيه على أذنيه
،
ونأى عن الطريق ، وقال لي : يا نافع هل تسمع شيئا ؟ قال : فقلت : لا ، قال
:
فرفع إصبعيه من أذنيه ، وقال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فسمع مثل
هذا
، فصنع مثل هذا " (12) .
- قال شيخ الإسلام رحمه الله : ( أما ما
لم يقصده الإنسان من الاستماع فلا يترتب عليه نهي ولا ذم باتفاق الأئمة ،
ولهذا إنما يترتب الذم والمدح على الاستماع لا السماع ، فالمستمع للقرآن
يثاب عليه ، والسامع له من غير قصد ولا إرادة لا يثاب على ذلك ، إذ الأعمال
بالنيات ، وكذلك ما ينهى عنه من الملاهي ، لو سمعه بدون قصد لم يضره ذلك )
(13) .
-قال ابن قدامة المقدسي رحمه الله : والمستمع هو الذي يقصد
السماع ، ولم يوجد هذا من ابن عمر رضي الله عنهما ، وإنما وجد منه السماع ،
ولأن بالنبي صلى الله عليه وسلم حاجة إلى معرفة انقطاع الصوت عنه لأنه عدل
عن الطريق ، وسد أذنيه ، فلم يكن ليرجع إلى الطريق ، ولا يرفع إصبعيه عن
أذنيه حتى ينقطع الصوت عنه ،فأبيح للحاجة (14) .
( ولعل السماع
المذكور في كلام الإمامين مكروه ، أبيح للحاجة كما سيأتي في قول
الإمام
مالك رحمه الله والله أعلم ) .
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم
مع عبد الرحمن بن عوف إلى النخل فإذا ابنه إبراهيم يجود بنَفَسه ، فوضعه في
حجره ففاضت عيناه ، فقال عبد الرحمن :>>أتبكي وأنت تنهى عن البكاء ؟
قال: إني لم أنه عن البكاء ، وإنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين : صوت عند
نغمة لهو ولعب ومزامير شيطان وصوت عند مصيبة : خمش وجوه وشق جيوب ورنَّة
.. (15)
أقوال أئمة الإسلام في الغناء و المعازف :
اتفقت
مذاهب الأئمّة الأربعة على أن آلات اللهو حرام:
- فمذهب الإمام أبي
حنيفة في ذلك من أشد المذاهب ، وقوله فيه من أغلظ الأقوال ، وقد صرح
أصحابه بتحريم سماع الملاهي كلها كالمزمار والدف ، حتى الضرب بالقضيب ،
وصرحوا بأنه معصية يوجب الفسق وترد بها الشهادة ، وأبلغ من ذلك أنهم قالوا :
أن السماع فسق والتلذذ به كفر ، هذا لفظهم ، ورووا في ذلك حديثا لا يصح
رفعه ، قالوا : ويجب عليه أن يجتهد في أن لا يسمعه إذا مر به أو كان في
جواره ، وقال أبو يوسف في دار يسمع منها صوت المعازف والملاهي : ادخل عليهم
بغير إذنهم لأن النهي عن المنكر فرض ، فلو لم يجز الدخول بغير إذن لامتنع
الناس من إقامة الفرض . (16)
- وسئل الإمام مالك رحمه الله عن ضرب
الطبل والمزمار ، ينالك سماعه وتجد له لذة في طريق أو مجلس ؟ قال : فليقم
إذا التذ لذلك ، إلا أن يكون جلس لحاجة ، أو لا يقدر أن يقوم ، وأما الطريق
فليرجع أو يتقدم . (17) ، وقال رحمه الله : إنما يفعله عندنا الفساق (18) ،
قال
ابن عبد البر رحمه الله : من المكاسب المجمع على تحريمها الربا ومهور
البغايا والسحت والرشا وأخذا الأجرة على النياحة والغناء وعلى الكهانة
وادعاء الغيب وأخبار السماء وعلى الزمر واللعب الباطل كله .(19) .
-
و في مذهب الإمام الشافعي رحمه الله : ( وصرح أصحابه العارفون بمذهبه
بتحريمه وأنكروا على من نسب إليه حله ) (20) ، وقد عد صاحب كفاية الأخبار ،
من الشافعية ، الملاهي من زمر وغيره منكرا ، ويجب على من حضر إنكاره ،
وقال : ( ولا يسقط عنه الإنكار بحضور فقهاء السوء ، فإنهم مفسدون للشريعة ،
ولا بفقراء الرجس - يقصد الصوفية لأنهم يسمون أنفسهم بالفقراء - فإنهم
جهلة أتباع كل ناعق ، لا يهتدون بنور العلم ويميلون مع كل ريح ) (21).
-
و في مذهب الإمام أحمد فقال عبد الله ابنه : سألت أبي عن الغناء فقال :
الغناء ينبت النفاق بالقلب ، لا يعجبني ، ثم ذكر قول مالك : إنما يفعله
عندنا الفساق) (22) ، وقال ابن قدامة - محقق المذهب الحنبلي - رحمه الله : (
الملاهي ثلاثة أضرب ؛ محرم ، وهو ضرب الأوتار والنايات والمزامير كلها ،
والعود والطنبور والمعزفة والرباب ونحوها ، فمن أدام استماعها ردت شهادته )
(23) ، وقال رحمه الله : ( وإذا دعي إلى وليمة فيها منكر ، كالخمر والزمر ،
فأمكنه الإنكار ، حضر وأنكر ، لأنه يجمع بين واجبين ، وإن لم يمكنه لا
يحضر ) (24) .
* قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( مذهب
الأئمة الأربعة أن آلات اللهو كلها حرام ، ثبت في صحيح البخاري وغيره أن
النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه سيكون من أمته من يستحل الحر والحرير
والخمر والمعازف ، وذكر أنهم يمسخون قردة وخنازير ، .. ولم يذكر أحد من
أتباع الأئمة في آلات اللهو نزاعا) (25)
- وقال : ( والمعازف خمر
النفوس ، تفعل بالنفوس أعظم مما تفعل حميا الكؤوس ) (30)
* قال
الشيخ ابن باز : والمعازف هي الأغاني وآلات الملاهي أخبر النبي صلى الله
عليه وسلم أنه يأتي آخر الزمان قوم يستحلونها كما يستحلون الخمر والزنا
والحرير وهذا من علامات نبوته صلى الله عليه وسلم فإن ذلك وقع كله والحديث
يدل على تحريمها وذم من استحلها كما يذم من استحل الخمر والزنا والآيات
والأحاديث في التحذير من الأغاني وآلات اللهو كثيرة جداً ومن زعم أن الله
أباح الأغاني وآلات الملاهي فقد كذب وأتى منكراً عظيماً نسأل الله العافية
من طاعة الهوى والشيطان وأعظم من ذلك وأقبح وأشد جريمة من قال إنها مستحبة
ولا شك أن هذا من الجهل بالله والجهل بدينه بل من الجرأة على الله والكذب
على شريعته .
* قال الألباني رحمه الله : اتفقت المذاهب الأربعة على
تحريم آلات الطرب كلها . (26)
* قال الطبري رحمه الله : فقد أجمع
علماء الأمصار على كراهة الغناء والمنع منه (28) . وهو القائل بعد هذا : (
قال ابو الفرج وقال القفال من أصحابنا : لا تقبل شهادة المغني والرقاص ،
قلت : وإذا ثبت أن هذا الأمر لا يجوز فأخذ الأجرة عليه لا تجوز ) . * قال
القاسم رحمه الله : الغناء من الباطل .
* وقال الحسن رحمه الله : إن
كان في الوليمة لهو ، فلا دعوة لهم . (27)
- أقوال الأئمة في إتلاف
آلات الطرب:
- قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله-: آلات
الملاهي ، مثل الطنبور ، يجوز إتلافها عند أكثر الفقهاء ، وهو مذهب مالك
وأشهر الروايتين عند أحمد ) (28)
وقال: لا يجوز صنع آلات الملاهي
(31)
- وأخرج ابن أبي شيبة رحمه الله : أن رجلا كسر طنبورا لرجل ،
فخاصمه إلى شريح فلم يضمنه شيئا - أي لم يوجب عليه القيمة لأنه محرم لا
قيمة له - . (32)
- وأفتى البغوي رحمه الله بتحريم بيع جميع آلات
اللهو والباطل مثل الطنبور والمزمار والمعازف كلها ، ثم قال : ( فإذا طمست
الصور ، وغيرت آلات اللهو عن حالتها ، فيجوز بيع جواهرها وأصولها ، فضة
كانت أو حديد أو خشبا أو غيرها ) (33).
استثناء حق :
ويستثنى
من ذلك الدف - بغير خلخال - في الأعياد والنكاح للنساء ، وقد دلت عليه
الأدلة الصحيحة ، قال شيخ الإسلام رحمه الله : ( ولكن رخص النبي صلى الله
عليه وسلم في أنواع من اللهو في العرس ونحوه كما رخص للنساء أن يضربن بالدف
في الأعراس والأفراح ، وأما الرجال على عهده فلم يكن أحد على عهده يضرب
بدف ولا يصفق بكف ، بل ثبت عنه في الصحيح أنه قال : " التصفيق للنساء
والتسبيح للرجال ، ولعن المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال
بالنساء " ، ولما كان الغناء والضرب بالدف من عمل النساء كان السلف يسمون
من يفعل ذلك من الرجال مخنثا ، ويسمون الرجال المغنين مخانيث - ما أكثرهم
في هذا الزمان - وهذا مشهور في كلامهم ، ومن هذا الباب حديث عائشة رضي الله
عنها لما دخل عليها أبوها رضي الله عنه في أيام العيد وعندها جاريتان - أي
صغيرتان - تغنيان بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث - ولعل العاقل يدرك ما
يقوله الناس في الحرب - فقال أبو بكر رضي الله عنه : " أبمزمار الشيطان في
بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم " وكان رسول الله معرضا بوجهه عنهما
مقبلا بوجهه الكريم إلى الحائط - ولذلك قال بعض العلماء أن أبا بكر رضي
الله عنه ما كان ليزجر احدا أو ينكر عليه بين يدي رسول الله صلى الله عليه
وسلم ، ولكنه ظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير منتبه لما يحصل والله
أعلم - فقال : " دعهما يا أبا بكر فإن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا أهل
الإسلام " ففي هذا الحديث بيان أن هذا لم يكن من عادة النبي صلى الله عليه
وسلم وأصحابه الاجتماع عليه ، ولهذا سماه الصديق مزمار الشيطان - فالنبي
صلىالله عليه وسلم أقر هذه التسمية ولم يبطلها حيث أنه قال " دعهما فإن لكل
قوم عيدا وهذا عيدنا " ، فأشار ذلك أن السبب في إباحته هو كون الوقت عيدا ،
فيفهم من ذلك أن التحريم باق في غير العيد إلا ما استثني من عرس في أحاديث
أخرى ، وقد فصل ذلك الشيخ الألباني رحمه الله في كتابه النفيس تحريم آلات
الطرب - ، والنبي صلى الله عليه وسلم أقر الجواري في الأعياد كما في الحديث
: " ليعلم المشركون أن في ديننا فسحة " ، وليس في حديث الجاريتين أن النبي
صلى الله عليه وسلم استمع إلى ذلك ، والأمر والنهي إنما يتعلق بالاستماع
لا بمجرد السماع كما في الرؤية فإنه إنما يتعلق بقصد الرؤية لا بما يحصل
منها بغير الاختيار ) ، فتبين أنه للنساء فقط ، حتى أن الإمام أبا عبيد
رحمه الله ، عرف الدف قائلا : فهو الذي يضرب به النساء . (34) .
-
قال ابن باز: وإنما يستحب ضرب الدف في النكاح للنساء خاصة لإعلانه والتمييز
بينه وبين السفاح ولا بأس بأغاني النساء فيما بينهن مع الدف إذا كانت تلك
الأغاني ليس فيها تشجيع على منكر ولا تثبيط عن واجب ويشترط أن يكون ذلك فما
بينهن من غير مخالطة للرجال ولا إعلان يؤذي الجيران ويشق عليهم وما يفعله
بعض الناس من إعلان ذلك بواسطة المكبر فهو منكر لما في ذلك من إيذاء
المسلمين من الجيران وغيرهم ولا يجوز للنساء في الأعراس ولا غيرها أن
يستعملن غير الدف من آلات الطرب كالعود والكمان والرباب وشبه ذلك بل ذلك
منكر وإنما الرخصة لهن في استعمال الدف خاصة .
أما الرجال فلا يجوز
لهم استعمال شيء من ذلك لا في الأعراس ولا في غيرها وإنما شرع الله للرجال
التدرب على آلات الحرب كالرمي وركوب الخيل والمسابقة بها وغير ذلك من أدوات
الحرب كالتدرب على استعمال الرماح والدرق والدبابات والطائرات وغير ذلك
كالرمي بالمدافع والرشاش والقنابل وكلما يعين على الجهاد في سبيل الله
استثناء
باطل :
-1-
قال بعضهم أن جميع الأحاديث التي تحرم الغناء
مثخنة بالجراح ، لم يسلم منها حديث من طعن عند فقهاء الحديث وعلمائه !! قال
ابن باز رحمه الله : ( إن الأحاديث الواردة في تحريم الغناء ليست مثخنة
بالجراح كما زعمت ، بل منها ما هو في صحيح البخاري الذي هو أصح كتاب بعد
كتاب الله ، ومنها الحسن ومنها الضعيف ، وهي على كثرتها وتعدد مخارجها حجة
ظاهرة وبرهان قاطع على تحريم الغناء والملاهي ) .
(وقد اتفق الأئمة
على صحة أحاديث تحريم الغناء والمعازف إلا أبو حامد الغزالي ، والغزالي ما
عرف علم الحديث ، وابن حزم بين الألباني رحمه الله خطأه أوضح بيان ، وابن
حزم نفسه قال أنه لو صح منها شيء لقال به ، ولكن من في هذا الزمن ثبتت
لديهم صحة ذلك لما تكاثر من كتب أهل العلم ، وما تواتر عنهم من تصحيح هذه
الأحاديث ، ولكنهم أعرضوا عنه ، فهم أشد من ابن حزم بكثير وليسوا مثله ،
فهم ليسوا متأهلين ولا رجعوا لهم )
-2-
وقال بعضهم أن الغناء
حرمه العلماء لأنه اقترن بمجالس الخمر والسهر الحرام !
قال
الشوكاني رحمه الله : ( ويجاب بأن الاقتران لا يدل على أن المحرم هو الجمع
فقط وإلا لزم أن الزنا المصرح به في الأحاديث لا يحرم إلا عند شرب الخمر
واستعمال المعازف ، واللازم باطل بالإجماع فالملزوم مثله . وأيضا يلزم مثل
قوله تعالى : " إنه كان لا يؤمن بالله العظيم ولا يحض على طعام المسكين "
أنه لا يحرم عدم الإيمان بالله إلا عند عدم الحض على طعام المسكين ، فإن
قيل إن تحريم مثل هذه الأمور المذكورة في الإلزام قد علم من دليل آخر ،
فيجاب بأن تحريم المعازف قد علم من دليل آخر أيضا كما سلف ) (39) .
-3-
وقال
بعضهم أن لهو الحديث ليس المقصود به الغناء ،
وقد سبق الرد على ذلك
، قال القرطبي رحمه الله : ( هذا - أي القول بأنه الغناء أعلى ما قيل في
هذه الآية وحلف على ذلك ابن مسعود بالله الذي لا إله إلا هو ثلاث مرات أنه
الغناء ) ثم ذكر من قال بهذا من الأئمة ، وذكر الأقوال الأخرى في ذلك ثم
قال ( القول الأول أولى ما قيل في هذا الباب للحديث المرفوع وقول الصحابة
والتابعين فيه ) ( تفسير القرطبي ) .
وقال ابن القيم رحمه الله بعد
أن ذكر هذا التفسير : ( قال الحاكم أبو عبد الله في التفسير من كتاب
المستدرك :
ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي
والتنزيل عند الشيخين حديث مسند ) وقال في موضع آخر من كتابه : ( هو عندنا
كحكم المرفوع ) ، وهذا وإن كان فيه نظر فلا ريب أنه أولى بالقبول من تفسير
من بعدهم ، فهم أعلم الأمة بمراد الله عز وجل في كتابه ، فعليهم نزل وهم
أول من خوطب به من الأمة ، وقد شاهدوا التفسير من الرسول صلى الله عليه
وسلم علما وعملا ، وهم العرب الفصحاء على الحقيقة ، فلا يعدل عن تفسيرهم ما
وجد إليه سبيلا ) (40)
-4-
وقال بعضهم أن الغناء طاعة إذا
كان المقصود به التقوي على طاعة الله !!!
قال ابن القيم رحمه الله :
( ويا للعجب ، إي إيمان ونور وبصيرة وهدى ومعرفة تحصل باستماع أبيات
بألحان وتوقيعات لعل أكثرها قيلت فيما هو محرم يبغضه الله ورسوله ويعاقب
عليه ، ... فكيف يقع لمن له أدنى بصيرة وحياة قلب أن يتقرب إلى الله ويزداد
إيمانا وقربا منه وكرامة عليه بالتذاذه بما هو بغيض إليه مقيت عنده يمقت
قائله و الراضي به ) (41) .
قال شيخ الإسلام في بيان حال من اعتاد
سمعه الغناء : ( ولهذا يوجد من اعتاده واغتذى به لا يحن على سماع القرآن ،
ولا يفرح به ، ولا يجد في سماع الآيات كما يجد في سماع الأبيات ، بل إذا
سمعوا القرآن سمعوه بقلوب لاهية وألسن لاغية ، وإذا سمعوا المكاء والتصدية
خشعت الأصوات وسكنت الحركات وأصغت القلوب ) (42) .
-5-
ويروج
بعضهم للموسيقى والمعازف بأنها ترقق القلوب والشعور ، وتنمي العاطفة ،
وهذا ليس صحيحا ، فهي مثيرات للشهوات والأهواء ، ولو كانت تفعل ما قالوا
لرققت قلوب الموسيقيين وهذبت أخلاقهم ، وأكثرهم ممن نعلم انحرافهم وسوء
سلوكهم .
-6-
استثنى بعضهم الطبل في الحرب ، وألحق به بعض
المعاصرين الموسيقى العسكرية ، ولا وجه لذلك البتة ، لأمور :
أولها :
انه تخصيص لأحاديث التحريم بلا مخصص ، سوى مجرد الرأي والاستحسان وهو
باطل
،
ثانيهما : أن المفترض على المسلمين في حالة الحرب ، أن يقبلوا
بقلوبهم على ربهم ، قال تعالى : " يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله
والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم " واستعمال الموسيقى يفسد عليهم ذلك
، ويصرفهم عن ذكر ربهم ، ثالثا : أن استعمالها من عادة الكفار ، فلا يجوز
التشبه بهم ، لاسيما في ماحرمه الله تبارك تعالى علينا تحريما عاما
كالموسيقى . (35) .
( ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل
) صحيح
-7-
استدل بعضهم بحديث لعب الحبشة في مسجده صلى الله
عليه وسلم في إباحة الغناء ! ترجم البخاري رحمه الله على هذا الحديث في
صحيحه : ( باب الحراب والدرق يوم العيد ) ، قال النووي رحمه الله : فيه
جواز اللعب بالسلاح ونحوه من آلات الحرب في المسجد ، ويلتحق به ما في معناه
من الأسباب المعينة على الجهاد . ( شرح مسلم ) ، ولكن كما قال الحافظ ابن
حجر رحمه الله : من تكلم في غير فنه أتى بمثل هذه العجائب .
-8-
واستدل
بعضهم بحديث غناء الجاريتين ، وقد سبق الكلام عليه ، لكن نسوق كلامابن
القيم رحمه الله لأنه قيم : ( وأعجب من هذا استدلالكم على إباحة السماع
المركب مما ذكرنا من الهيئة الاجتماعية بغناء بنتين صغيرتين دون البلوغ عند
امرأة صبية في يوم عيد وفرح بأبيات من أبيات العرب في وصف الشجاعة والحروب
ومكارم الأخلاق والشيم ، فأين هذا من هذا ، والعجيب أن هذا الحديث من أكبر
الحجج عليهم ، فإن الصديق الأكبر رضي الله عنه سمى ذلك مزمورا من مزامير
الشيطان ، وأقره رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه التسمية ، ورخص فيه
لجويريتين غير مكلفتين ولا مفسدة في إنشادهما ولاستماعهما ، أفيدل هذا على
إباحة ما تعملونه وتعلمونه من السماع المشتمل على ما لا يخفى ؟! فسبحان
الله كيف ضلت العقول والأفهام ) (36) ، وقال ابن الجوزي رحمه الله : وقد
كانت عائشة رضي الله عنها صغيرة في ذلك الوقت ،و لم ينقل عنها بعد بلوغها
وتحصيلها إلا ذم الغناء ، قد كان ابن أخيها القاسم بن محمد يذم الغناء
ويمنع من سماعه وقد أخذ العلم عنها . (37) . وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله
: ( واستدل جماعة من الصوفية بحديث الباب - حديث الجاريتين - على إباحة
الغناء وسماعه بآلة وبغير آلة ، ويكفي في رد ذلك تصريح عائشة في الحديث
الذي في الباب بعده بقولها " وليستا بمغنيتين " ، فنفت عنهما بطريق المعنى
ما أثبته لهما باللفظ .. فيقتصر على ما ورد فيه النص وقتا وكيفية تقليلا
لمخالفة الأصل - أي الحديث - والله أعلم ) (38)
-9-
وقد تجرأ
البعض بنسبة سماع الغناء إلى الصحابة والتابعين ، وأنهم لم يروا به بأسا
!!
قال الفوزان حفظه الله : ( نحن نطالبه بإبراز الأسانيد الصحيحة
إلى هؤلاء الصحابة والتابعين بإثبات ما نسبه إليهم ) ، ثم قال : ( ذكر
الإمام مسلم في مقدمة صحيحه عن عبد الله بن المبارك أنه قال : الإسناد من
الدين ، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء ) .
و المزيييييييد من
اقوالهم
" قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى
بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ
أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا
الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ
تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ "
الحمد لله وكفى، وصلى الله وسلم
وبارك على نبيه المصطفى وآله المستكملين الشرفا، ثم أما بعد:
يعيش أهل
الإسلام في ظل هذا الدين حياة شريفة كريمة، يجدون من خلالها حلاوة الإيمان،
وراحة اليقين والاطمئنان، وأنس الطاعة، ولذة العبادة، وتقف تعاليم هذا
الدين حصنًا منيعًا ضد نوازع الانحراف وأهواء المنحرفين، تصون الإنسان عن
نزواته، وتحميه من شهواته، وتقضي على همومه وأحزانه، فما أغنى من والى دين
الله وإن كان فقيرًا، وما أفقر من عاداه وإن كان غنيًا.
وإن مما يحزن
المسلمَ الغيورَ على دينه أن يبحث بعض المسلمين عن السعادة في غيره،
ويبحثون عن البهجة فيما عداه، يضعون السموم مواضع الدواء، طالبين العافية
والشفاء في الشهوات والأهواء. ومن ذلك عكوف كثير من الناس اليوم على استماع
آلات الملاهي والغناء، حتى صار ذلك سلواهم وديدنهم، متعللين بعلل واهية
وأقوال زائفة، تبيح الغناء وليس لها مستند صحيح، يقوم على ترويجها قوم
فُتنوا باتباع الشهوات واستماع المغنيات.
وكما نرى بعضهم يروج للموسيقى
بأنها ترقق القلوب والشعور، وتنمي العاطفة، وهذا ليس صحيحاً، فهي مثيرة
للشهوات والأهواء، ولو كانت تفعل ما قالوا لرققت قلوب الموسيقيين وهذبت
أخلاقهم، وأكثرهم ممن نعلم انحرافهم وسوء سلوكهم.
عباد الله من كان في
شك من تحريم الأغاني والمعازف، فليزل الشك باليقين من قول رب العالمين،
ورسوله صلى الله عليه وسلم الأمين، في تحريمها وبيان أضرارها، فالنصوص
كثيرة من الكتاب والسنة تدل على تحريم الأغاني والوعيد لمن استحل ذلك أو
أصر عليه، والمؤمن يكفيه دليل واحد من كتاب الله أو صحيح سنة رسول الله صلى
الله عليه وسلم فكيف إذا تكاثرت وتعاضدت الأدلة على ذلك. ولقد قال سبحانه و
تعالى في كتابه العزيز: " وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا
قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ
أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً
مُّبِيناً"
ونظراً لخطورة الأغاني، وأنها سبب من أسباب فتنة الناس
وإفسادهم وخاصة الشباب منهم، أحببت أن أجمع لكم هذا البحث المختصر والذي
يحتوي على موقف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأئمة أهل العلم
من الغناء والموسيقى. وهذه المادة هي محاولة أردت بها خدمة دين الله عز
وجل، ومنفعة المسلمين، سائلاً الله تبارك وتعالى أن ينفع بها وأن يجعل هذا
العمل خالصاً لوجهه الكريم، وهو حسبنا و نعم الوكيل.
أدلة التحريم
من القرآن الكريم:
قوله تعالى: "وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي
لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ
وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ" (سورة لقمان:
6)
قال حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهما: هو الغناء، وقال مجاهد رحمه
الله: اللهو الطبل (تفسير الطبري) وقال الحسن البصري رحمه الله: "نزلت هذه
الآية في الغناء والمزامير" (تفسير ابن كثير). قال ابن القيم رحمه الله:
"ويكفي تفسير الصحابة والتابعين للهو الحديث بأنه الغناء فقد صح ذلك عن ابن
عباس وابن مسعود، قال أبو الصهباء: سألت ابن مسعود عن قوله تعالى: "ومن
الناس من يشتري لهو الحديث"، فقال: والله الذي لا إله غيره هو الغناء -
يرددها ثلاث مرات -، وصح عن ابن عمر رضي الله عنهما أيضا أنه الغناء.."
(إغاثة اللهفان لابن القيم). وكذلك قال جابر وعكرمة وسعيد بن جبير ومكحول
وميمون بن مهران وعمرو بن شعيب وعلي بن بديمة و غيرهم في تفسير هذه الآية
الكريمة. قال الواحدي رحمه الله: وهذه الآية على هذا التفسير تدل على تحريم
الغناء (إغاثة اللهفان). ولقد قال الحاكم في مستدركه عن تفسير الصحابي:
"ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي و التنزيل عند
الشيخين حديث مسند". وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه إغاثة
اللهفان معلقاً على كلام الحاكم: "وهذا وإن كان فيه نظر فلا ريب أنه أولى
بالقبول من تفسير مَن بعدهم، فهم أعلم الأمة بمراد الله من كتابه، فعليهم
نزل وهم أول من خوطب به من الأمة، وقد شاهدوا تفسيره من الرسول علماً
وعملاً، وهم العرب الفصحاء على الحقيقة فلا يعدل عن تفسيرهم ما وجد إليه
سبيل".
وقال تعالى: "وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ
بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي
الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ
غُرُورًا" (سورة الإسراء:64)
جاء في تفسير الجلالين: (واستفزز): استخف،
(صوتك): بدعائك بالغناء والمزامير وكل داع إلى المعصية و هذا أيضا ما ذكره
ابن كثير والطبري عن مجاهد. وقال القرطبي في تفسيره: "في الآية ما يدل على
تحريم المزامير والغناء واللهو..وما كان من صوت الشيطان أو فعله وما
يستحسنه فواجب التنزه عنه".
و قال الله عز وجل: "وَالَّذِينَ لَا
يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا"
(الفرقان: 72).
وقد ذكر ابن كثير في تفسيره ما جاء عن محمد بن الحنفية
أنه قال: الزور هنا الغناء، وجاء عند القرطبي والطبري عن مجاهد في قوله
تعالى: "والذين لا يشهدون الزور" قال: لا يسمعون الغناء. وجاء عن الطبري في
تفسيره: "قال أبو جعفر: وأصل الزور تحسين الشيء، ووصفه بخلاف صفته، حتى
يخيل إلى من يسمعه أو يراه، أنه خلاف ما هو به، والشرك قد يدخل في ذلك لأنه
محسن لأهله، حتى قد ظنوا أنه حق وهو باطل، ويدخل فيه الغناء لأنه أيضا مما
يحسنه ترجيع الصوت حتى يستحلي سامعه سماعه" (تفسير الطبري).
وفي قوله
عز وجل: "و إذا مروا باللغو مروا كراما" قال الإمام الطبري في تفسيره:
"وإذا مروا بالباطل فسمعوه أو رأوه، مروا كراما. مرورهم كراما في بعض ذلك
بأن لا يسمعوه، وذلك كالغناء".
أدلة التحريم من السنة النبوية
الشريفة:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليكونن من أمتي أقوام
يستحلون الحر و الحرير و الخمر و المعازف، و لينزلن أقوام إلى جنب علم،
يروح عليهم بسارحة لهم، يأتيهم لحاجة، فيقولون: ارجع إلينا غدا، فيبيتهم
الله، ويضع العلم، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة" (رواه
البخاري تعليقا برقم 5590، ووصله الطبراني والبيهقي، وراجع السلسلة الصحيحة
للألباني 91). وقد أقر بصحة هذا الحديث أكابر أهل العلم منهم الإمام ابن
حبان، والإسماعيلي، وابن صلاح، وابن حجر العسقلاني، وشيخ الإسلام ابن
تيمية، والطحاوي، وابن القيم، والصنعاني، وغيرهم كثير. وقال الإمام ابن
القيم رحمه الله: "ولم يصنع من قدح في صحة هذا الحديث شيئا كابن حزم نصرة
لمذهبه الباطل في إباحة الملاهي، وزعم أنه منقطع لأن البخاري لم يصل سنده
به". وقال العلامة ابن صلاح رحمه الله: "ولا التفات إليه (أى ابن حزم) في
رده ذلك..وأخطأ في ذلك من وجوه..والحديث صحيح معروف الاتصال بشرط الصحيح"
(غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب لإمام السفاريني).
"وفي الحديث
دليل على تحريم آلات العزف والطرب من وجهين؛ أولهما قوله صلى الله عليه
وسلم: "يستحلون"، فإنه صريح بأن المذكورات ومنها المعازف هي في الشرع
محرمة، فيستحلها أولئك القوم. ثانيا: قرن المعازف مع ما تم حرمته وهو الزنا
والخمر والحرير، ولو لم تكن محرمة - أى المعازف - لما قرنها معها"
(السلسلة الصحيحة للألباني 1/140-141 بتصرف). قال شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله: "فدل هذا الحديث على تحريم المعازف، والمعازف هي آلات اللهو عند
أهل اللغة، وهذا اسم يتناول هذه الآلات كلها" (المجموع).
وروى الترمذي
في سننه عن جابر رضي الله عنه قال:"خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مع
عبد الرحمن بن عوف إلى النخيل، فإذا ابنه إبراهيم يجود بنفسه، فوضعه في
حجره ففاضت عيناه، فقال عبد الرحمن: أتبكي وأنت تنهى عن البكاء؟ قال: إني
لم أنه عن البكاء، وإنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نغمة لهو
ولعب ومزامير شيطان، وصوت عند مصيبة: خمش وجوه وشق جيوب ورنَّة" (قال
الترمذي: هذا الحديث حسن، وحسنه الألباني صحيح الجامع 5194).
وقال صلى
الله عليه و سلم: "صوتان ملعونان، صوت مزمار عند نعمة، و صوت ويل عند
مصيبة" (إسناده حسن، السلسلة الصحيحة 427)
وعن رسول الله صلى الله عليه
وسلم أنه قال: "ليكونن في هذه الأمة خسف، وقذف، ومسخ، وذلك إذا شربوا
الخمور، واتخذوا القينات، وضربوا بالمعازف" (صحيح بمجموع طرقه، السلسلة
الصحيحة 2203)
قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله حرم على أمتي الخمر،
والميسر، والمزر، والكوبة، والقنين، وزادني صلاة الوتر" (صحيح، صحيح الجامع
1708). الكوبة هي الطبل، أما القنين هو الطنبور بالحبشية (غذاء الألباب).
وروى
أبي داوود في سننه عن نافع أنه قال: "سمع ابن عمر مزماراً، قال: فوضع
أصبعيه على أذنيه، ونأى عن الطريق، وقال لي: يا نافع هل تسمع شيئاً؟ قال:
فقلت: لا! قال: فرفع أصبعيه من أذنيه، وقال: كنت مع النبي صلى الله عليه
وسلم، فسمع مثل هذا! فصنع مثل هذا" (حديث صحيح، صحيح أبي داوود 4116). و
علق على هذا الحديث الإمام القرطبي قائلاً: "قال علماؤنا: إذا كان هذا
فعلهم في حق صوت لا يخرج عن الاعتدال، فكيف بغناء أهل هذا الزمان وزمرهم؟!"
(الجامع لأحكام القرآن للقرطبي).
أقوال أئمة أهل العلم:
قال
الإمام عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه: الغناء مبدؤه من الشيطان وعاقبته
سخط الرحمن (غذاء الألباب)، ولقد نقل الإجماع على حرمة الاستماع إلى
الموسيقى والمعازف جمع من العلماء منهم: الإمام القرطبي وابن الصلاح وابن
رجب الحنبلي. فقال الإمام أبو العباس القرطبي: الغناء ممنوع بالكتاب والسنة
وقال أيضا: "أما المزامير والأوتار والكوبة (الطبل) فلا يختلف في تحريم
استماعها ولم أسمع عن أحد ممن يعتبر قوله من السلف وأئمة الخلف من يبيح
ذلك، وكيف لا يحرم وهو شعار أهل الخمور والفسوق ومهيج الشهوات والفساد
والمجون؟ وما كان كذلك لم يشك في تحريمه ولا تفسيق فاعله وتأثيمه" (الزواجر
عن اقتراف الكبائر لابن حجر الهيثمي). وقال ابن الصلاح: الإجماع على
تحريمه ولم يثبت عن أحد ممن يعتد بقوله في الإجماع والاختلاف أنه أباح
الغناء..
قال القاسم بن محمد رحمه الله: الغناء باطل، والباطل في النار.
وقال الحسن البصري رحمه الله: إن كان في الوليمة لهو –أى غناء و لعب-،
فلا دعوة لهم (الجامع للقيرواني).
قال النحاس رحمه الله: هو ممنوع
بالكتاب والسنة، وقال الطبري: وقد أجمع علماء الأمصار على كراهة الغناء،
والمنع منه. و يقول الإمام الأوزاعي رحمه الله: لا تدخل وليمة فيها طبل
ومعازف.
قال ابن القيم رحمه الله في بيان مذهب الإمام أبي حنيفة:
"وقد صرح أصحابه بتحريم سماع الملاهي كلها كالمزمار والدف، حتى الضرب
بالقضيب، وصرحوا بأنه معصية توجب الفسق وترد بها الشهادة، وأبلغ من ذلك
قالوا: إن السماع فسق والتلذذ به كفر، وورد في ذلك حديث لا يصح رفعه، قالوا
ويجب عليه أن يجتهد في أن لا يسمعه إذا مر به أو كان في جواره" (إغاثة
اللهفان) وروي عن الإمام أبي حنيفة أنه قال: الغناء من أكبر الذنوب التي
يجب تركها فوراً. وقد قال الإمام السفاريني في كتابه غذاء الألباب معلقاً
على مذهب الإمام أبو حنيفة: "وأما أبو حنيفة فإنه يكره الغناء ويجعله من
الذنوب، وكذلك مذهب أهل الكوفة سفيان وحماد وإبراهيم والشعبي وغيرهم لا
اختلاف بينهم في ذلك، ولا نعلم خلافا بين أهل البصرة في المنع منه".
وقد
قال القاضي أبو يوسف تلميذ الإمام أبى حنيفة حينما سُئِل عن رجل سمع صوت
المزامير من داخل أحد البيوت فقال: "ادخل عليهم بغير إذنهم لأن النهي عن
المنكر فرض".
أما الإمام مالك فإنه نهى عن الغناء و عن استماعه،
وقال رحمه الله عندما سُئِل عن الغناء و الضرب على المعازف: "هل من عاقل
يقول بأن الغناء حق؟ إنما يفعله عندنا الفساق" (تفسير القرطبي). والفاسق في
حكم الإسلام لا تُقبَل له شهادة ولا يصلي عليه الأخيار إن مات، بل يصلي
عليه غوغاء الناس وعامتهم.
قال ابن القيم رحمه الله في بيان مذهب
الإمام الشافعي رحمه الله: "وصرح أصحابه - أى أصحاب الإمام الشافعى -
العارفون بمذهبه بتحريمه وأنكروا على من نسب إليه حله كالقاضي أبي الطيب
الطبري والشيخ أبي إسحاق وابن الصباغ" (إغاثة اللهفان). وسئل الشافعي رضي
الله عنه عن هذا؟ فقال: أول من أحدثه الزنادقة في العراق حتى يلهوا الناس
عن الصلاة وعن الذكر (الزواجر عن اقتراف الكبائر).
قال ابن القيم
رحمه الله: "وأما مذهب الإمام أحمد فقال عبد الله ابنه: سألت أبي عن الغناء
فقال: الغناء ينبت النفاق بالقلب، لا يعجبني، ثم ذكر قول مالك: إنما يفعله
عندنا الفساق" (إغاثة اللهفان). وسئل رضي الله عنه عن رجل مات وخلف ولداً
وجارية مغنية فاحتاج الصبي إلى بيعها فقال: تباع على أنها ساذجة لا على
أنها مغنية، فقيل له: إنها تساوي ثلاثين ألفاً، ولعلها إن بيعت ساذجة تساوي
عشرين ألفاً، فقال: لاتباع إلا أنها ساذجة. قال ابن الجوزي: "وهذا دليل
على أن الغناء محظور، إذ لو لم يكن محظوراً ما جاز تفويت المال على اليتيم"
(الجامع لأحكام القرآن). ونص الإمام أحمد رحمه الله على كسر آلات اللهو
كالطنبور وغيره إذا رآها مكشوفة، وأمكنه كسرها (إغاثة اللهفان).
قال شيخ
الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "مذهب الأئمة الأربعة أن آلات اللهو كلها
حرام...ولم يذكر أحد من أتباع الأئمة في آلات اللهو نزاعا" (المجموع). وقال
أيضا: "فاعلم أنه لم يكن في عنفوان القرون الثلاثة المفضلة لا بالحجاز ولا
بالشام ولا باليمن ولا مصر ولا المغرب ولا العراق ولا خراسان من أهل الدين
والصلاح والزهد والعبادة من يجتمع على مثل سماع المكاء والتصدية لا بدف
ولا بكف ولا بقضيب وإنما أحدث هذا بعد ذلك في أواخر المائة الثانية فلما
رآه الأئمة أنكروه" وقال في موضع آخر: "المعازف خمر النفوس، تفعل بالنفوس
أعظم مما تفعل حميا الكؤوس" (المجموع)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه
الله في بيان حال من اعتاد سماع الغناء: "ولهذا يوجد من اعتاده واغتذى به
لا يحن على سماع القرآن، ولا يفرح به، ولا يجد في سماع الآيات كما يجد في
سماع الأبيات، بل إذا سمعوا القرآن سمعوه بقلوب لاهية وألسن لاغية، وإذا
سمعوا المكاء والتصدية خشعت الأصوات وسكنت الحركات وأصغت القلوب"
(المجموع).
قال الألباني رحمه الله: "اتفقت المذاهب الأربعة على
تحريم آلات الطرب كلها" (السلسلة الصحيحة 1/145).
قال الإمام ابن القيم
رحمه الله: "إنك لا تجد أحداً عني بالغناء وسماع آلاته إلا وفيه ضلال عن
طريق الهدى علماً وعملاً، وفيه رغبة عن استماع القرآن إلى استماع الغناء".
وقال عن الغناء: "فإنه رقية الزنا، وشرك الشيطان، وخمرة العقول، ويصد عن
القرآن أكثر من غيره من الكلام الباطل لشدة ميل النفوس إليه ورغبتها فيه".
وقال رحمه الله:
حب القران وحب ألحان الغنا *** في قلب عبد ليس يجتمعان
والله
ما سلم الذي هو دأبه *** أبداً من الإشراك بالرحمن
وإذا تعلق بالسماع
أصاره *** عبداً لكـل فـلانة وفلان
و بذلك يتبين لنا أقوال أئمة
العلماء واقرارهم على حرمية الغناء والموسيقى والمنع منهما.
الاستثناء:
ويستثنى
من ذلك الدف - بغير خلخال- في الأعياد والنكاح للنساء، وقد دلت عليه
الأدلة الصحيحة، قال شيخ الإسلام رحمه الله: "ولكن رخص النبي صلى الله عليه
وسلم في أنواع من اللهو في العرس ونحوه كما رخص للنساء أن يضربن بالدف في
الأعراس والأفراح، وأما الرجال على عهده فلم يكن أحد على عهده يضرب بدف ولا
يصفق بكف، بل ثبت عنه في الصحيح أنه قال: التصفيق للنساء والتسبيح للرجال،
ولعن المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء"
(المجموع). وأيضا من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "دخل علي أبو بكر
وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت به الأنصار في يوم بعاث
قالت وليستا بمغنيتين فقال أبو بكر أبمزمور الشيطان في بيت النبي صلى الله
عليه وسلم وذلك في يوم عيد الفطر فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا أبا
بكر إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا" (صحيح، صحيح ابن ماجه 1540).
الرد على
من استدل بحديث الجاريتين في تحليل المعازف:
قال ابن القيم رحمه الله:
"وأعجب من هذا استدلالكم على إباحة السماع المركب مما ذكرنا من الهيئة
الاجتماعية بغناء بنتين صغيرتين دون البلوغ عند امرأة صبية في يوم عيد وفرح
بأبيات من أبيات العرب في وصف الشجاعة والحروب ومكارم الأخلاق والشيم،
فأين هذا من هذا، والعجيب أن هذا الحديث من أكبر الحجج عليهم، فإن الصديق
الأكبر رضي الله عنه سمى ذلك مزمورا من مزامير الشيطان، وأقره رسول الله
صلى الله عليه وسلم على هذه التسمية، ورخص فيه لجويريتين غير مكلفتين ولا
مفسدة في إنشادهما ولاستماعهما، أفيدل هذا على إباحة ما تعملونه وتعلمونه
من السماع المشتمل على ما لا يخفى؟! فسبحان الله كيف ضلت العقول والأفهام"
(مدارج السالكين)، وقال ابن الجوزي رحمه الله: "وقد كانت عائشة رضي الله
عنها صغيرة في ذلك الوقت، و لم ينقل عنها بعد بلوغها وتحصيلها إلا ذم
الغناء ، قد كان ابن أخيها القاسم بن محمد يذم الغناء ويمنع من سماعه وقد
أخذ العلم عنها" (تلبيس إبليس).
ابن حزم و إباحة الغناء
من
المعروف والمشهور أن ابن حزم رحمه الله يبيح الغناء، كما هو مذكور في كتابه
المحلى. لكن الذي نريد أن ننبه عليه أن الناس إذا سمعوا أن ابن حزم أو
غيره من العلماء يحللون الغناء، ذهب بالهم إلى الغناء الموجود اليوم في
القنوات والإذاعات وعلى المسارح والفنادق وهذا من الخطأ الكبير. فمثل هذا
الغناء لا يقول به مسلم، فضلاً عن عالم؛ مثل الإمام الكبير ابن حزم.
فالعلماء متفقون على تحريم كل غناء يشتمل على فحش أو فسق أو تحريض على
معصية.
ونحن نعلم حال الغناء اليوم وما يحدث فيه من المحرمات القطعية،
كالتبرج والاختلاط الماجن والدعوة السافرة إلى الزنى والفجور وشرب الخمور،
تقف فيه المغنية عارية أو شبه عارية أمام العيون الوقحة والقلوب المريضة
لتنعق بكلمات الحب والرومانسية. ويتمايل الجميع رجالاً ونساء ويطربون في
معصية الله وسخطه.
ولذلك نقول: إن على من يشيع في الناس أن ابن حزم
يبيح الغناء، أن يعرف إلى أين يؤدي كلامه هذا إذا أطلقه بدون ضوابط وقيود،
فليتق الله وليعرف إلى أين ينتهي كلامه؟! وليتنبه إلى واقعه الذي يحيا فيه.
ثم أعلم كون ابن حزم أو غيره يبيح أمراً جاء النص الصريح عن النبي
صلى الله عليه وسلم بتحريمه لا ينفعك عند الله، قال سليمان التيمي رحمه
الله: لو أخذت برخصة كل عالم، أو زلة كل عالم، اجتمع فيك الشر كله. وقد قال
الله جل وعلا: "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ
عَنْهُ فَانْتَهُوا" (الحشر:7)، وقال أيضاً: "فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ
يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ
عَذَابٌ أَلِيم ٌ " (النور:63). ولله در القائل:
العلم قال الله قال
رسوله إن صح والإجماع فاجهد فيه
وحذار من نصب الخلافجهالة بين الرسول
وبين رأي فقيه
أما حكم الأناشيد الإسلامية الخالية من الموسيقى فهو
كالأتى:
صح أن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام رضوان الله
عليهم قد سمعوا الشعر وأنشدوه واستنشدوه من غيرهم، في سفرهم وحضرهم، وفي
مجالسهم وأعمالهم، بأصوات فردية كما في إنشاد حسان بن ثابت وعامر بن الأكوع
وأنجشة رضي الله عنهم ، وبأصوات جماعية كما في حديث أنس رضي الله عنه في
قصة حفر الخندق، قال: فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بنا من
النصب والجوع قال: "اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة، فاغفر للأنصار والمهاجرة.
فقالوا مجيبين: نحن الذين بايعوا محمدا، على الجهاد ما بقينا أبدا" (رواه
البخاري 3/1043). وفي المجالس أيضا؛ أخرج ابن أبي شيبة بسند حسن عن أبي
سلمة بن عبد الرحمن قال: "لم يكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
منحرفين ولا متماوتين، كانوا يتناشدون الأشعار في مجالسهم، وينكرون أمر
جاهليتهم، فإذا أريد أحدهم عن شيء من دينه دارت حماليق عينه" (مصنف ابن أبي
شيبة 8/711). فهذه الأدلة تدل على أن الإنشاد جائز، سواء كان بأصوات فردية
أو جماعية، والنشيد في اللغة العربية: رفع الصوت بالشعر مع تحسين وترقيق
(القاموس المحيط). وهناك ضوابط تراعى في هذا الأمر وضعها لنا أهل العلم
وهي: عدم استعمال الآلات والمعازف المحرمة في النشيد، عدم الإكثار منه
وجعله ديدن المسلم وكل وقته وتضييع الواجبات والفرائض لأجله، أن لا يكون
بصوت النساء، وأن لا يشتمل على كلام محرم أو فاحش، وأن لا يشابه ألحان أهل
الفسق والمجون، وأن يخلو من المؤثرات الصوتية التي تنتج أصواتا مثل أصوات
المعازف. وأيضا يراعى أن لا يكون ذا لحن يطرب به السامع ويفتنه كالذين
يسمعون الأغاني.
وللاستزادة يمكن مراجعة: كتاب الإعلام بنقد كتاب
الحلال والحرام للشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان، وكتاب السماع لشيخ
الإسلام ابن القيم، وكتاب تحريم آلات الطرب للشيخ محمد ناصر الدين الألباني
رحمه الله.
وختاماً، قال الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه
إغاثة اللهفان: "اعلم أن للغناء خواصَّ لها تأثير في صبغ القلب بالنفاق،
ونباته فيه كنبات الزرع بالماء.
فمن خواصه: أنه يُلهي القلب ويصده عن
فهم القرآن وتدبره، والعمل بما فيه، فإن الغناء والقرآن لا يجتمعان في
القلب أبداً لما بينهما من التضاد، فإن القرآن ينهى عن اتباع الهوى، ويأمر
بالعفة، ومجانبة شهوات النفوس، وأسباب الغيّ، وينهى عن اتباع خطوات
الشيطان، والغناء يأمر بضد ذلك كله، ويحسنه، ويهيِّج النفوس إلى شهوات
الغيّ فيثير كامنها، ويزعج قاطنها، ويحركها إلى كل قبيح، ويسوقها إلى وصْل
كل مليحة ومليح، فهو والخمر رضيعا لبانٍ، وفي تهييجهما على القبائح فرسا
رهان..إلخ".
فيا أيها المسلمون: نزهوا أنفسكم وأسماعكم عن اللهو
ومزامر الشيطان، وأحلوها رياض الجنان، حلق القرآن، وحلق مدارسة سنة سيد
الأنام، عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، تنالوا ثمرتها، إرشادًا من غي،
وبصيرة من عُمي، وحثًا على تقى، وبُعدًا عن هوى، وحَياةَ القلب، ودواء
وشفاء، ونجاة وبرهانًا، وكونوا ممن قال الله فيهم: "وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ
اللَّغْوِ مُّعْرِضُونَ".
وفق الله المسلمين للتمسك بدينهم والبصيرة في
أمرهم إنه قريب مجيب.
و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات