منْ أنْتِ ؟
إذا ما قُلْتُ أنتِ النورُ
أنتِ الكوكبُ المَسْحُورْ
وأنتِ الشَّطُّ والمَرْسَى
وقلبى زَوْرَقٌ مكسورْ
أنتِ الفَجْرُ بَعْدَ الليلِ
إذْ أقْصَىْ شُهُودَ الزُّورْ
أنتِ الحَقُّ يا سمراءُ
أفْنَىْ الظَّالمَ المَأجُورْ
أنتِ الخيرُ أغْرَقَنِىْ
وَضَمَّدَ قلبىَ المَقْهُورْ
أبْرَأَنِىْ وأَحْيَانِىْ
**
فنادِينِي إلى عينيكِ
أبْقِهِمَا تَضُمَّانِي
أنا الحيرانُ أكَلَ الدَّهْرُ
قافلتي وأبْقَانِي
أنا المَنْسِيُّ فى الدنيا
بلا أهْلٍ وجِيْرَانِ
أنا المقطوعُ مِنْ شَجَرِيْ
وَمَنْفِىُّ بأوطاني
أنا المذبوحُ أُضْحِيَةً
بلا عِيْدٍ وَدَيَّانِ
أنا الباكى طُوَالَ العُمْرِ
فى سِرْدَابِ أحْزَانِى
**
هُنًا ساءَلْتُ ما أبْقَيْتُ
عَرَّافَاً وَعَرَّافَهْ
تُلازِمُنِي خَيَالاتِي
وتُبْقِى الرُّوحَ طّوَّافَهْ
وتَخْلُو بِمُخَيِّلَتِي
رُؤَى النَّسْمَاتِ هَفْهَافَهْ
أنا البَحَّارُ لا أَرْسُو
أَحَبَّ البحرُ مِجْدَافَهْ
أُعَانِى الحُبَّ مَظْلَمَةً
وأشْكُو عُزْلَتِى آفَهْ
ولولا أنتِ تَنْسَدِلِيْنَ
مثلَ النورِ شّفَّافَهْ
لَمَا غَادَرْتُ مقبرتى
ولا صَادَفْتُ صَفْصَافَهْ
ولا حَلَّقْتُ مثلَ الطيرِ
غَنَّى العُجْبُ أوْصَافَهْ
وما أصْبَحْتُ مثلَ الرَّوْضِ
تَهْوَى العَيْنُ أعْطَافَهْ
كَدِيْنَارٍٍ بلا رَقْمٍ
وَكُنْتِ أنتِ صَرَّافَهْ
**
شعاعَ النُّورِ، هل تدرينَ
أنِّى كُنْتُ مَقْبُوْرَا ؟
وكانَ البَرْدُ يَلْفَحُنِى
بِجَوْفِ القبرِ مَزْجُوْرَا؟
وكانَ الشِّعْرُ والإبداعُ
فى جَنْبَىَّ مَهْجُوْرَا؟
كأهلِ الكهفِ مَرَّ العُمْرُ
ما حاولتُ تَقْدِيْرَا؟
وما أعْلَنْتُ مَظْلَمَتِى
وما شَهَدُوْا بِهِ زُوْرَا؟
وما اسْتَصْرَخْتُ مِنْ أَحَدٍ
لِأَطْلُبَ مِنْهُ تَحْرِيْرَا؟
وكانَ اليأسُ يقتُلُنِى
وكان القلبُ مكسورا؟
ونارُ السُّخْطِ تَغْلِى بى
تُزِيْدُ النَّارَ تَسْعِيْرَا؟
وكُنْتُ أُنَاشِدُ الأيامَ
أنْ تَنْفَضَّ ، مَسْعُوْرَا؟
وألْعَنُ كُلَّ ما قَدَّمْتُ
تَعْلِيْمَاً وَتنَْوِيِْرْاَ ؟
وأمْشِى فى ذُيُولِ الناسِ
قَيْدَ الصَّمْتِ مَقْهُوْرَا ؟
وتَبْدُو لى بِقَاعُ الأرضِ
رَغْمَ جَمَالِهَا بُوْرَا؟
وحينَ عَرَفْتُ سيدتي
تَجَلَّى النُّورُ مَنْشُورَا
ولاحَ البدرُ فى قَبْرِي
ونَالَ العَقْلُ تَحْرِيرَا
وحَلَّ السِحْرُ فى نفسي
يُزِيْدُ البَهْوَ تَنويرا
وفاضَ الشِّعْرُ والإبداعُ
فَجَّرْتِيْهِ تفجيرا
وزالَ الصَّمْتُ يا سمراءُ
واسْتَغْرَقْتُ تصويرا
ولا أدْرِى لِكَمْ أبْقَى
لِسَانِي يَشْرَحُ النورا؟
وكَمْ مازالَ مِنْ عمري
لأجْعَلَهُ قواريرا
تَضُمُّ العِطْرَ مِنْ عَبَقٍ
تَسَاقَطَ مِنْكِ منشورا ؟
وكَمْ مازالَ فى عمري
لأجْعَلَهَا مزاميرا
تُعِيْدُ النَّشْرَ سيدتى
بِنَبْضِ القلبِ تعبيرا؟
وما أنْهَيْتُ تعبيرا .