الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
لقد تبدّت بي الحيرة وأخذني القلق حتى اشتد عليّ ألم الذنب! ولجأت إلى الله عز وجل ثم إلى فضيلتكم: فإني شاب أبلغ من العمر خمس وعشرين سنة، أنهيت مراحل الدارسة، وأزاول بعض الأعمال الحرة ولكن هناك مشكلة تؤرقني وأحاول أن أجد لها حلاً.
والمشكلة ـ بإختصار ـ أنني دائماً أفكر فيما فعلته في الماضي عندما كنت صبياً ثم شاباً وما ارتكبته من المعاصي والكبائر، ولا أقول هذا من باب التفاخر بالإثم وإن كنت أحس بهذا الشعور فيما مضى ولكن ليس الآن.
فقد نشأت في بيئة عادية أمي ليس لها همّ إلا الأكل والشرب، والخروج إلى الزيارات للأهل والجيران، والنزهة في الأسواق، وكثرة الشراء المفيد وغير المفيد. هذا غير المشاكل اليومية والأسبوعية التي تشتعل بينها وبين أبي على الصغيرة والكبيرة وكأنهم أعداء وليسوا آباء.
فأبي مشغول بتجارته وأعماله وأصدقائه، لا نراه إلا قليلاً، بل لا نكاد نشعر به إذا حضر، لم نتعوّد في يوم من الأيام على الحياة الإيمانية، لم يوجهني إلى طريق الإيمان ولم تهتم أمي بأي شيء يتعلق بالإسلام سوى أنها تريد مني أن أكون شاباً تفتخر به أنه فعل الأفاعيل وشاب "مودرن" متفتح، لم تعبأ بمن يتصل بي من الفتيات، ولم تعترض بل كانت تجد هذا أمراً عادياً يحدث بين شاب وفتاة.
لا أذكر أن بيتنا عرف القرآن وقراءته إلا في مناسبة وفاة جدي، سمعنا ترتيل القرآن على فترات بالأخص عندما يحضر أحد لتقديم واجب العزاء.
أما الصلة مع أعمامي وعماتي وأولادهم فهي مقطوعة، لم أسمع في يوم أبي يدعو عماً من أعمامي أو عمةً من عماتي، بل ورفض المشاركة في فرح ابن عمي، ورفض الحضور أو التهنئة ونفس الحال في الأعياد فأبي يفضل أن نسافر لقضاء الإجازة في الخارج، وعندما نعود نتواصل مع الأصدقاء فقط، وأخوالي وخالاتي حتى ابن عمي كان معي في نفس المدرسة ولم أعرفه إلا من خلال تكرار اسم العائلة، وبالبحث علمت أنه ابن عمي، وكم خجلت من نفسي ولكن الأمر ليس بيدي فالذنب كله من أبي هو من قطع علاقته بأعمامي، وحرمنا من الصلة بهم هذا عن المحيط الأسري، أما عني أنا شخصياً فسأحدثك حديث الصراحة التي لا يمكن أن أخفي منها شيئاً والكلام ليس للافتخار ولكني أريد العلاج ومن أجل هذا كان لابد أن أصارحك بكل شيء، لقد شربت الخمر مرتين في حياتي، وربما ثلاث مرات لا أدري، ولقد زنيت بنساء وكنت على وشك أن أفسد مستقبل فتاة لولا أن الله رحمها من أذاي.. لا أدري هل من الممكن أن يتوب الله عليّ وأن يغفر لي؟
لا أدري لقد حاولت التوبة أكثر من مرة، ودائماً أعود لنفس الإثم، شعرت بأني منافق.. لا يخشى الموت ولا الحساب. أحس أحياناً أن الله يحبني وأني أحبه، ولكن سرعان ما يسيطر الشيطان على قلبي مرة أخرى، ولقد هزمت الشيطان في معارك كثيرة ولكنه هزمني في معارك أكثر.
هل من الممكن أن أعود مرة أخرى؟ ولكن كيف؟ كثيراً ما صليت لله، وما أكثر ما قطعت الصلاة، لم أشعر بمعنى الخشوع في صلاتي بل كنت دائماً أؤديها حركات فقط لمجرد أن يشاهدني الناس أصلي.
لقد وصل ضعفي لدرجات قد لا يتخيلها مؤمن.
ولقد أقسمت على القرآن الكريم أن أنتهي عن التدخين والشيشة، ولكني لم أفعل. عاهدت الله أني لن أشاهد المواقع الإباحية وأمتنع عن ممارسة العادة السيئة ولن أعود إليهم أبداً ولن أشاهد تلك الأفلام القذرة التي يقتل بها الغرب إيماننا ولكني خالفت عهدي مع الله. لقد ضعفت إرادتي إلى حدّ لا يتخيله أحد بعد أن كنت في يوم من الأيام أتحلى بقوة وإرادة وقدرة على تغيير شخصيتي وأسلوبي في الحياة..
لقد أصبحت شخصاً لا يشعر بلذة الحياة، وإن كنت ما زلت أحتفظ بروحي وصولات وجولات من الإثم والمعاصي والكذب والخداع فكيف النجاة؟ أريد أن أعرف ما عرفه الملتزمون ولم أعرفه.. مؤكد أنهم علموا شيئاً لم أعلمه ولم أشعر به؛ هذا هو أنا فماذا أفعل؟ أفيدوني أفادكم الله.. فلقد توالت سُحب سوداء في حياتي.. بدأت أشعر بالضيق والكآبة.