في كل مرة يمر فيها كارلوس دونجا المدير الفني للمنتخب البرازيلي لكرة
القدم على المراسلين في الممر المؤدي لحافلة نقل لاعبي الفريق بعد
المباراة ، يضع دونجا يديه بقوة على رأسه مشيرا إلى عدم قدرته على سماع كل
ما يقال ويتردد ويستفسر عنه بشأن لاعبي الفريق ونجمه المتألق كاكا.
ويخوض دونجا /46 عاما/ معركة حقيقية مع 800 فردا من الإعلام البرازيلي
حرصوا على السفر خلف الفريق إلى جنوب أفريقيا مثلما خاض سابقا معارك أخرى
مع صانعي اللعب على أرض الملعب بسبب استمرار المطالبة بأسلوب "اللعب
الجمالي".
وقال دونجا "كل من يتحدث عن كرة القدم فإنه يتحدث عن اللعبة الجميلة. ولكن اللعبة الجميلة يجب أن تكون أيضا تحت السيطرة".
وكان دونجا قائدا للمنتخب البرازيلي الذي فاز بلقب كأس العالم 1994
بالولايات المتحدة والذي غلب على أدائه الطابع الدفاعي أكثر من اللعب
الجمالي.
ومن بين المنتقدين العديدين لدونجا في البرازيل ، يبرز نجم المنتخب
البرازيلي السابق زيكو. وقال زيكو "عندما يعتمد فوز الفريق أداء حارس
المرمى فإن ذلك يثير انتباهي".
وسجل زيكو 66 هدفا في 88 مباراة دولية خاضها مع المنتخب البرازيلي لكنه لم يفز مع الفريق بأي لقب في بطولات كأس العالم.
وقال دونجا ، بعد فوز المنتخب البرازيلي على نظيره الإيفواري 3/1 في
الجولة الثانية من مباريات الدور الأول في المونديال الحالي بجنوب أفريقيا
، "أواجه المشاكل حتى إذا فازت البرازيل. إنهم أصبحوا أقل عددا ولكنني ما
زلت أواجههم".
وجاهد دونجا على مدار 20 عاما لينال الشهرة في البرازيل التي تتسم بالشغف
الشديد لكرة القدم. وظل على تمسكه القوي والمثير للدهشة بفرض أسلوبه في
اللعب والذي يتسم بالواقعية سواء عندما كان لاعبا ضمن صفوف الفريق أو
بعدما أصبح مديرا فنيا للفريق.
وقال دونجا "أريد فقط العمل من أجل المنتخب في سلام وهدوء". ويأمل دونجا
في إحراز لقب البطولة كمدير فني للفريق ليكون الثالث في قائمة من أحرزوا
اللقب كلاعبين ثم مدربين بعد مواطنه ماريو زاجالو والألماني فرانز
بيكنباور.
وترجع كراهية البرازيليين لدونجا إلى مونديال 1990 حيث كان عنصرا أساسيا
في خروج فريقه من دور الستة عشر في مونديال 1990 بإيطاليا بعد الهزيمة
أمام منافسه التقليدي العنيد المنتخب البرازيلي.
وبعدها بأربع سنوات قاد كارلوس كايتانو بليدورن فيري (دونجا) الفريق إلى
عنان السماء حيث فاز معه بلقب مونديال 1994 بالولايتات المتحدة ولسان حاله
يقول إن منتقديه كانوا السبب في نجاحه.
وحاول دونجا الدفاع عن أسلوبه منذ اللحظة الأولى التي تولى فيها تدريب
الفريق خلفا لمواطنه كارلوس ألبرتو باريرا بعد خروج الفريق صفر اليدين من
مونديال 2006 بألمانيا.
وقال دونجا وقتها "سجلنا أكثر من 100 هدف ولذلك فمن المؤكد أننا مبتكرون بشكل ما".
وقال المهاجم البرازيلي جيوفاني إيلبر الذي لعب في الدوري الألماني
(بوندسليجا) وكان أحد النجوم السابقين في فريق دونجا "إنه (دونجا) ثعلب
وشخص قوي جدا. ولكن الصحافة تنتقده كثيرا".
ولذلك يتبع دونجا سياسة صارمة في تعامله مع وسائل الإعلام خلال مونديال 2010 بجنوب أفريقيا.
وخلال الفترة التي تولى فيها باريرا تدريب الفريق ، كان مسموحا للصحفيين
والمراسلين بزيارة الملعب كل يوم وإجراء المقابلات الصحفية والإعلامية مع
رونالدو ورونالدينيو وباقي لاعبي الفريق.
وفي المقابل ، فرض دونجا قواعد واضحة حيث يختار الاتحاد البرازيلي لاعبين
في كل يوم من أيام البطولة للرد على استفسارات الصحفيين ووسائل الإعلام في
مقر معسكر الفريق بجنوب أفريقيا.
كما يظهر دونجا نفسه في المؤتمر الصحفي الذي يقام في اليوم السابق للمباراة والمؤتمر الصحفي الذي يعقب المباراة.
ولا يستطيع أي إعلاميين حتى هؤلاء التابعين لشبكة تلفزيون "جلوبو"
البرازيلية إجراء أي مقابلات حصرية مع اللاعبين أو أعضاء الطاقم التدريبي
للفريق.
كما لا يبالي دونجا نفسه بمظهره الشخصي في وسائل الإعلام حيث يرتدي ملابس
قد تعود إلى أزياء الثمانينيات من القرن الماضي. كما تعلن تصفيفة شعره عن
شخصيته المستقيمة والحازمة والبعيدة تماما عن اللهو.
وبعيدا عن هذا الجانب الصلد لدونجا يظهر الجانب الرقيق لدونجا كشخص بعيد
عن الملعب حيث تمثل كأس العالم فرصة لتطبيق ما تعلمه من والده.
وقال دونجا "حتى تكون إنسانا بالغا ، يجب تكون مستقيم الأخلاق وأن يكون لك
موقف وتتصرف بشكل حاسم ويكون لك وقار وأن تصفح إذا كان ذلك ممكنا".
أما والدته ، التي تعمل مدرسة تاريخ ، فمنحته حب البرازيل. وقال دونجا
"يجب أن تكون وطنيا.. يجب أن نكافح من أجل بلدنا ومن أجل عائلتنا
وأصدقائنا".