لا توحي شوارع المدن الأمريكية
بأن حدثا كرويا تجري أطواره هذه الأيام بجنوب إفريقيا، ولولا التواجد
الكبير للجاليات والتنوع الذي تتميز به الولايات المتحدة، لكان هذا العرس
الكروي بمثابة اللاحدث، حيث تكاد مظاهر الاحتفالات تقتصر على الأقليات من
المهاجرين الذين تشارك فرق بلدانهم في هذه التظاهرة، بما في ذلك الجالية
الجزائرية.
أثبتت فعاليات كأس العالم، مرة أخرى، أن كرة القدم هي آخر رياضة قد تثير
اهتمام الأمريكيين، الذين يتابعون باهتمام مباريات وأخبار نجوم كرة السلة
والبيزبول، غير أن التنوع البشري الذي يميز البلاد، جعل كرة القدم تنال بعض
الاهتمام من قبل الأمريكيين وإعلامهم. ومع النتائج الإيجابية التي تسجلها
فرق أمريكا اللاتينية في المونديال الإفريقي، ومع الأعداد الكبيرة من
المهاجرين من الأصول الأمريكية اللاتينية، فقد أصبحت شوارع المدن الأمريكية
تعرف حركة غير عادية، تميزها الأعداد الكبيرة من المشجعين الذين يرتدون
أقمصة فرقهم كدليل على احتفائهم بنتائجهم. وتغيب في الشوارع الأمريكية كل
مظاهر الاحتفالات الصاخبة، فلا يمكنك رؤية سيارات مزينة بالألوان ولا تسمع
أبواقها، وإنما يكتفي العدد القليل من المحتفلين بارتداء الأقمصة.
ولهذا السبب كانت الصور التي صنعها المناصرون الجزائريون في نهائيات كأس
إفريقيا الماضية، حدثا غريبا على الأمريكيين يكاد يحدث لأول مرة في الشوارع
الأمريكية، حتى أن بعض سكان الأحياء التي يقطنها الجزائريون بكثـرة مثل
أستوريا بنيويورك، صاروا متعودين على سماع الأهازيج والشعارات الممجدة
للفريق الوطني. وتقول كارينا، وهي أمريكية من أصول برازيلية، تقطن بحي
أستوريا، إنها رغم تعودها على أجواء الاحتفالات الشعبية العارمة في
البرازيل، إلا أنها دُهشت لطريقة احتفالات الجزائريين. وتضيف أنه في المرة
الأولى التي شاهدت مواكب المحتفلين خلال كأس إفريقيا، تملكها الخوف من
الهستيريا التي أصابت المناصرين، لدرجة أنها فكرت في تغيير مكان إقامتها،
إلا أنها غيرت رأيها بالاستشارة مع زوجها الذي يعرف جيدا هستيريا الأنصار.
وتعد هذه السيدة واحدة من آلاف الأمريكيين الذين اكتشفوا لأول مرة تعلق
الجزائريين ببلدهم وبفريقهم، وصار العديد من الأمريكيين يعرفون الجزائر
بفعل تألق منتخبها في المنافسات الرياضية، وهم الذين لا تخصص وسائل إعلامهم
ومحطاتهم التلفزيونية حيزا كبيرا لكرة القدم. ففي الوقت الذي تخصص وسائل
الإعلام العالمية تغطية مباشرة ومفصلة لمقابلات كأس العالم، انفردت العديد
من القنوات التلفزيونية الأمريكية بعرض صور احتفالات فريق ''لوس أنجلس
ليكرز'' لكرة السلة، الذي فاز هذه السنة بالبطولة الأمريكية. ورغم هذا، فإن
الأقلية من الأمريكيين المتابعين لأخبار المونديال والفريق الأمريكي،
يعولون كثيرا على عناصر المدرب بوب برادلي، خصوصا بعد الأداء القوي الذي
قدموه في المرحلة الثانية من اللقاء أمام سلوفينيا.