عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { : حق المسلم على المسلم خمس : رد السلام , وعيادة المريض , واتباع الجنائز , وإجابة الدعوة , وتشميت العاطس ** متفق عليه ) .
وفيه دليل على مشروعية تشميت العاطس وهو أن يقول له : يرحمك الله . وأخرج أبو داود بإسناد صحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { : إذا عطس أحدكم فليقل : الحمد لله على كل حال , وليقل أخوه أو صاحبه يرحمك الله , ويقول هو : يهديكم الله ويصلح بالكم ** .
وأخرج البخاري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { إذا عطس أحدكم فليقل : الحمد لله , وليقل أخوه أو صاحبه : يرحمك الله , فإذا قال : يرحمك الله فليقل له : يهديكم الله ويصلح بالكم ** .
وأخرج مالك في الموطأ عن ابن عمر قال : { إذا عطس أحدكم فقيل له : يرحمك الله , يقول يرحمنا الله وإياكم ويغفر لنا وإياكم ** والتشميت [ ص: 23 ] سنة على الكفاية , ولو قال بعض الحاضرين أجزأ عن الباقين , ولكن الأفضل أن يقول كل واحد لما في البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إذا عطس أحدكم وحمد الله كان حقا على كل مسلم سمعه أن يقول : يرحمك الله تعالى ** .
وقال أهل الظاهر : إنه يلزم كل واحد , وبه قال ابن أبي مريم , واختاره ابن العربي والتشميت إنما يكون مشروعا للعاطس إذا حمد الله كما في حديث أبي هريرة المذكور وفي الصحيحين عن أنس قال : { عطس رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم , فشمت أحدهما ولم يشمت الآخر , فقال الذي لم يشمته : فلان عطس فشمته , وعطست فلم تشمتني , فقال : هذا حمد الله وأنت لم تحمد الله ** .
وفي صحيح مسلم عن أبي موسى الأشعري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { إذا عطس أحدكم فحمد الله فشمتوه , فإن لم يحمد الله فلا تشمتوه ** وإذا تكرر العطاس فهل يشرع تكرير التشميت أو لا ؟ فيه خلاف وقد أخرج ابن السني بإسناد فيه من لم يتحقق حاله عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { إذا عطس أحدكم فليشمته جليسه . وإن زاد على ثلاث فهو مزكوم , ولا يشمت بعد ثلاث ** وفي مسلم عن سلمة بن الأكوع { أنه قال له النبي صلى الله عليه وسلم في الثانية إنك مزكوم ** .
وأخرج أبو داود والترمذي من حديث سلمة { أنه قال له في الثالثة : يرحمك الله هذا رجل مزكوم ** .
وأخرج أبو داود والترمذي أيضا عن عبيد بن رفاعة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { تشميت العاطس ثلاثا , فإن زاد فإن شئت شمته , وإن شئت فلا ** ولكنه حديث ضعيف قال الترمذي : إسناده مجهول قال ابن العربي : ومعنى قوله : " إنك مزكوم " أي إنك لست ممن يشمت بعد هذا ; لأن هذا الذي بك زكام ومرض لا خفة العطاس , ولكنه يدعى له بدعاء المسلم للمسلم بالعافية والسلامة , ولا يكون من باب التشميت والسنة للعاطس أن يضع ثوبه أو يده على فيه عند العطاس لما أخرجه أبو داود والترمذي عن أبي هريرة قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عطس وضع ثوبه أو يده على فيه وخفض أو غض بها صوته ** وحسنه الترمذي .
ويكره رفع الصوت بالعطاس لما أخرجه ابن السني عن عبد الله بن الزبير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن الله عز وجل يكره رفع الصوت بالتثاؤب والعطاس ** وأخرج أيضا عن أم سلمة قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { التثاؤب الرفيع والعطسة الشديدة من الشيطان ** .
.......
تشميت العاطس وجوابه فرض كفاية . قدمه ابن تميم وابن حمدان , وهو ظاهر مذهب مالك وغيره , وقيل : بل هما سنة وهو مذهب الشافعي وغيره قيل : بل واجبان , وهو قول بعض العلماء ويسن أن يغطي العاطس وجهه ويخفض صوته إلا بقدر ما يسمع جليسه ليشمته , وهذا معنى كلام أحمد في رواية أبي طالب وأحمد بن أصرم قال ابن عقيل : ويبعد من الناس قال الشيخ تقي الدين البغدادي غريب قال الشيخ عبد القادر : ولا يلتفت يمينا ولا شمالا انتهى كلامه ويحمد الله جهرا .