بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كان الخليفة الراشد عمر (رضي الله عنه) يسير في طرق
المدينة فرأى الصحابي الجليل جابر بن عبد الله يحمل
(لحماً)
فسأله: ماهذا ؟؟ أجاب لحم طلبه أهلي، فقال عمر (رضي
الله
عنه): أكلما اشتهيتم اشتريتم؟؟؟.
نعم كانت العادة الى عهد قريب أن يشتري الانسان ما
يشتهيه،
ولكن الجديد في حضارة اليوم أن يشتري مايراه ولو لم
يعرف
ماهو؟؟.
سمعت من صديقه لي أنه كانت في (سوبر ماركت)
ولاحظت أن
أمامها
عائلة ملأت (عربة) وتناولت المرأة (حاجة) فلم تعرف
ماهي
فتوجهت للزوج تسأله فلم يعرف ماهي، ومع ذلك اشترتها
ونقدت الثمن
..
كنا ومازلنا نذهب (للبقالة) نريد حاجة معينة، نأخذها
ونعود
للبيت. الجديد أن نذهب (للسوبر ماركت) لشراء حاجة أو
حاجتين فنعود بعشرة أو أكثر، السوبرماركت (أداة) لفتح
الشهية، بحيث يشتري الزبون مايحتاج وما لايحتاج،
وتذهب
البضاعة للبيت وإلى هنا ينتهي دور (سيدة البيت) ليبدأ
دور
(الشغالة) بعض المشتريات تخزن حتى تنتهي صلاحيتها
ثم
تأخذ طريقها الى صندوق القمامة، بينما البعض يستهلك
بسرعة وسيدة البيت لاتعرف عن ذلك قليلاً أو كثيراً.
الحضارات القديمة كان النظام أن توجد حاجة أولاً ثم يصار
لوجود أو صناعة وسيلة لسدها،تصنع الحاجة ثم توجد
مايبررها، قديماً توجد وظيفة ثم يجري البحث عمن يصلح
لشغلها، واليوم لدينا قريب أو صديق فنخترع له وظيفة
تناسبه،
ونضع شروطاً تنطبق عليه وحده
..
في انجلترا يتم صنع (الشماغ) وفي الصين تصنع الثياب
العربية وسجادات الصلاة، وذات يوم كشف الغرب أشعة
(الليزر) ثم راح يبحث عن وسيلة لاستعمالها، بل وصل
الحال
بإنسان الغرب أن يصنع بعض المخدرات ليفرض استعمالها
في الصين، واليوم نجد مصنوعات لايستعملها الغرب إلا
بمواصفات معينة، ولايشترط ذلك بما يصنع للتصدير،
خصوصاً للدول والشعوب الفقيرة.
.
واليوم يصنع الغرب (بطاقات) فتحل محل النقود، بحيث
يستطيع الانسان أن يشتري مايشاء ولولم يكن له مال، ثم
تقع
الكارثة لتعلن بنوك في امريكا واوربا عمرها (قرن ونصف)
افلاسها فتهز اسواق العالم كله وتسجل الخزينة الامريكية
وحدها عجزاً مخيفاً قدره (480) ملياراً من الدولارات،
والعجز مرشح ليصل الى (600) مليار وأعتقد أن ميزانيات
دول افريقية كلها لاتصل الى نصف هذا العجز..
في الحديث النبوي: إن الله كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال
وإضاعة المال..
إن وسائل الاعلام كي تعمل ليل نهار، فهي تشجع على القيل
وقال وكثرة السؤال، ونراها اليوم تجمع الناس وتلقي عليهم
الكثير من الاسئلة مما تعنيهم، وما لا يعنيهم، وأحياناً يتجول
رجل الاعلام في الاسواق ليسأل الناس وينقل ما يقولون، وكل
هذا من الجديد.
إن فتح طريق الاقتراض على مصراعيه سيسهل للناس
الحصول على المال ويتبع ذلك سهولة صرفه في ما هو
ضروري ومفيد وغير ضروري.
ولعل من إضاعة المال ان يغير الانسان (سيارته) ليستمتع
بالجديد، ومثل ذلك تغيير لملابس، فمن فقه عمر بن
الخطاب
(رضي الله عنه) لاتشتروا ملابس جديدة لنسائكم كي
لاتخرج
من البيت، احدى النساء تقول أن صاحبة لها تتذمر بأنها
مدعوة لعرس ولاملابس جديدة لها فقالت لها: أنا رأيتك
منذ
قريب تلبسين ثوباً جميلاً كلف الالوف فأين صار ؟؟ قالت:
احترق فقالت زوجتي بدهشة كيف احترق فقال: لقد رأتني
الصديقات ألبسه وهكذا احترق!!
.
تطورت أمورنا فصار البعض يبيع داره ويتحول الى حي
أفضل والى دار جديدة، ومن مستلزمات هذا التحول
التخلص
من الاثاث القديم وشراء اثاث جديد..
لي تلميذ يزورني بين مدة وأخرى واسمعه يتذمر من قلة
المال
وراتبه يقترب من عشرين الف ريال وزوجته موظفة ولها
راتب يزيد على عشرة آلاف ريال، وعائلتهم متوسطة ولهم
سكن جيد، ومع ذلك لايوفرون قليلاً ولاكثيراً من المال،
وعندما قلت له أن في البلد عرباً وغيرهم يعيشون على
راتب في
حدود الألفين أو يزيد ويوفرون من هذا الدخل استنكر
واستغرب..
وأعرف أصدقاء لهم في البيت أكثر من خط تلفون ثابت،
وفي
السيارة تلفون ولدى الزوج والزوجة والاولاد جوالات،
والكهرباء لاتنطفئ والمكيفات تعمل ليل نهار، فمن أين
يأتي
التوفير؟؟؟
إن (إضاعة المال) اليوم وسيلة تصنعها الحضارة وتنشرها
في
كل مكان، ثم يستغرب الناس كيف يضرب (اعصار) أسواق
العالم فيحطمها في يوم وليلة، ويجعل حكومة مثل الولايات
المتحدة الامريكية تعيش على (الكدية) ويبلغ العجز السنوي
في
ميزانيتها (480) مليار دولار، وهكذا تضيع (البركة)
ويمسي
الغني فقيراً ولله في خلقه شؤون.
أفلا حان الوقت كي نقلل من أسرافنا