السلام عليكم
"القناة الثقافية".. يا لهذا الاسم الكبير! ويا لهذا الاسم المبهج! الذي
طالما حلم مثقفو السعودية به، فأصبح واقعا مشاهدا بعد طول انتظار.
لمّح بعضهم وصرّح آخرون أن القناة ليست على قدر المأمول، وقال كتاب
إن القناة تفتقد الكوادر المتخصصة، وأكد آخرون أنها بحاجة إلى مزيد جهد
ونشاط. وهي وجهات نظر يجدر بالقائمين على القناة الأخذ بها لا التحسس منها!
والشهر الماضي أوحى لمتابعي القناة بأن الفعاليات الثقافية المصاحبة لمعرض
الكتاب ولمهرجان الجنادرية، كانت بمثابة قارب نجاة للقناة، فكان المشاهد
على موعد دائم مع لقاءات ثقافية وفكرية، ونقلٍ حي لأمسيات شعرية وندوات
فكرية أنارت بكلماتها سماء العاصمة! نعم كانت هنالك بعض الأخطاء المهنية
التي تنغص على المشاهد متعة المتابعة. أخطاء من قبيل مذيع غير متمكن في
اللغة، أو آخر لم يجد بعد أدب الحوار، أو كيفية توزيع الأدوار على الضيوف!
بل حتى مصوري القناة كان بعضهم يركزون الكاميرا على المذيع ويتجاهلون
الضيف! ولا يُعرف هل تم ذلك باتفاق مع المذيع أم بتهديد من الأخير للأول في
أن يظهره في الصورة دائما! وليست الصورة قاتمة كثيرا فقد كانت تظهر برامج
حوارية ممتازة! لكن الواضح فيها أن خبرة مذيعيها السابقة لعبت دورا مهما في
نجاحها!
انتهت فعاليات معرض الكتاب وكذلك مهرجان الجنادرية.. وماذا بعد؟!
ماذا لدى القناة الثقافية لتقدمه للمشاهد؟! مع الأسف جاء الجواب صادما
نهاية الأسبوع المنصرم! حين نقلت القناة الثقافية حدثاً خاصاً بالفروسية!
نعم حدثاً خاصاً بالخيل، ربما بوصف الفروسية قيمة ثقافية كبرى لدى العربي
منذ القدم! ولربما كان المسؤول في التلفزيون أو القناة حينها متأثرا بالبيت
الشهير: الخيل والليل والبيداء تعرفني! فأوعز للقناة ببث الحدث بوصفه حجر
زاوية عتيق في أدبياتنا!
ألا توجد لدينا قناة "رياضية" لبث مثل هذه المناسبة الرياضية، وإن
كانت القناة الرياضية ملتزمة بتغطية مباراة كرة قدم في نفس التوقيت، ألا
توجد قناة أخرى لنقل الحدث الفروسي الرياضي كـ"الأولى" أو "الثانية" أو
"الإخبارية" مثلا التي كانت تنقل فعاليات الحوار الوطني في نجران! أليس
الحوار الفكري الوطني حدثا ثقافيا؟!
إن الخشية أن تكون القناة الثقافية قد دخلت مرحلة التيه! الذي يقود
إلى الإفلاس، أو الإفلاس الذي يقود إلى التيه..لافرق! أو أن تكون المركزية
المتسلطة بدأت تضرب أطنابها على حدود القناة، وأن شخصا ما في التلفزيون فرض
على القناة نقل الحدث الرياضي، دون مراعاة للتخصص، في ظل قبول من القائمين
عليها بهذا الخطأ الفادح، وعدم الاعتراض على تلك الأوامر التي يزن أصحابها
الأمور بحسابات تقليدية مفادها "كلها قنواتنا"!!.. وسمك لبن تمر هندي!