السلام عليكم ورحمة الله
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله , والصلاة والسلام على
رسول الله , وعلى آله وصحبه ,
أما بعد :
فإنا لله وإنا إليه راجعون !
لقد كدَّر الخاطر , وأدخل على النفس الحزن والألم , خبرُ وفاة شيخنا
الشيخ يوسف الدخيل , رحمه الله وأدخله فسيح جناته ,
لقد كان الشيخ
يوسف, نِعْمَ الرجل ونِعْمَ الشيخ والمربي , طيب القلب , نقي السريرة ,
متواضعاً , بل كان آية في التواضع وهضم النفس , يحب إخوانه وأبناءه
السلفيين , ويأنس بهم , ويُفيدهم , ويسأل عنهم , وكانت مجالسه عامرةً
بالفوائد واللطائف والنكت العلمية الدقيقة ,
ولقد كان لنا معه عدة
مجالس بمكتبة دار الحديث بينبع , يجتمع فيها لفيف من الإخوة طلبة العلم ,
فكانت تدور الفوائد والمساجلات العلمية الممتعة,
ولقد كنت أرسل للشيخ
رحمه الله , بعض رسائلي , فيقرأها قراءة فاحصة , ويكتب عليها بعض الملحوظات
بالقلم الرصاص , ومن الرسائل التي راجعها الشيخ رحمه الله , وأذن لي
بنشرها : كتاب ( الصواعق المرسلة على تاريخ الجهمية والمعتزلة ) , و رسالة (
القضاء والقدر ) وأشار عليَّ بحذف الكلام المتعلق بمسألة ( حوادث لا أول
لها ) , ورسالة ( تربية الشباب ) , وكان رحمه الله يرغب مني أن أعرض عليه
كل ما أكتبه من مؤلفات , وكان الشيخ رحمه الله دقيقاً في ملحوظاته , بصيراً
في تعليقاته , ولقد حدثني أن الشيخ محمد أمين المصري , وكان مشرفاً عليه
في رسالة ( الماجستير ) , وكان الشيخ المصري في الوقت نفسه يشرف على شيخنا
الحافظ مقبل بن هادي الوادعي , فكان الشيخ محمد أمين المصري يقول له في
المقارنة بينه وبين الشيخ مقبل : مقبل أعلم منك, وأنت أدق منه .
لقد كان
الشيخ يوسف رحمه الله غزير المادة, كثير الاطلاع والمتابعة لحركة التأليف
وطباعة الكتب , ولم يكن رحمه الله مجرد جمَّاع للكتب , بل كان قارئاً
وناقداً وخبيراً بها وبأصحابها , ولا سيما في العقيدة والمنهج الذي عليه
المؤلفون .
ولقد بلغ من ولوعه بالعلم والكتب , أني أجريت إتصالاً
هاتفياً به وهو بالمشفى في مرضه الأخير الذي توفي فيه رحمه الله , أسأله عن
حاله , فإذا به يسألني ويباحثني في كتاب الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله (
مصطلح الحديث ) وكان بعض عائديه من أهل ينبع قد أخبروه أني أدرس هذا
الكتاب , فذهبت جلُّ المكالمة الهاتفية في البحث حول مزايا هذا الكتاب,
وحول ما ألفه الشيخ ابن عثيمين أو فُرغ له من شروحات في المصطلح, إلى فوائد
أخرى حول كتب المصطلح عموماً, وكان الشيخ يكلمني بصوت ضعيف خافت , فتعجبت
من حب الشيخ وتعلقه بالعلم وكتبه , مع ما هو فيه من التعب والإعياء ,
ولعل
بعض إخواننا بالمدينة يجمع رسالة في ترجمته , فلقد كنت عازماً على أن أكتب
له ترجمة, أخذها منه شخصياً , مع ما عندي من فوائد ومعلومات عنه , غير أن
الموت حال دون تحقيق هذه الأمنية , فنسأل الله العلي القدير أن يجعل ما
عنده للشيخ يوسف خيراً مما عندنا ,
اللهم اغفر لشيخنا الشيخ يوسف
الدخيل, وارفع درجته في المهديين, واخلُفه في عقبه في الغابرين, واغفر لنا
وله يارب العالمين, وافسح له في قبره, ونور له فيه .