وصية النبي صلى
الله عليه و سلم : (( اتق الله حيثما كنت))
بسم الله الرحمن
الرحيم
الحمد لله نحمده ،
ونستعين به ، ونسترشده ، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله
فلا مُضل له ، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده
لا شريك له ، إقراراً بربوبيته ، وإرغاماً لمن جحد به وكفر ، وأشهد أن سيدنا محمداً
e
رسول الله ، سيد الخلق و البشر ، ما اتصلت عين بنظر ، أو سمعت أذن
بخبر ، اللهم صلِ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ، وعلى ذريته ومن
ولاه ، ومن تبعه إلى يوم الدين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمتنا ،
إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علِّمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا
علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ،
واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين
.
أيها الإخوة الكرام ، محور هذه الخطبة وصية
من وصايا رسول الله e ، وصية جامعة مانعة ،
وصية موجزة ، وصية فيها قواعد كلية في التعامل مع الله ، والتعامل مع النفس،
والتعامل مع الناس .
والنبي عليه الصلاة والسلام معصوم بمفرده ،
بينما أمته معصومة بمجموعها ، وهو لا ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ، كلامه
وحي غير متلو ، والقرآن الكريم وحي متلو ، والوصية بين أيديكم تسمعونها كل يوم ،
لكن لو تأملنا في دقائقها ، وتأملنا في جنباتها لوجدناها قواعد جامعة تتعلق بعلاقتك
أيها الإنسان بالله ، وبعلاقتك بنفسك ، وبعلاقتك بمجتمعك.
الوصية هي : عَنْ
أَبِي ذَرٍّ قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ e : (( اتَّقِ
اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ... )).
[ الترمذي ، أحمد ، الدارمي
]
هذه علاقتك بالله ،
(( وَأَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا ))
، هذه علاقتك بنفسك ، (( وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ )) ،
هذه علاقتك بالمجتمع .
وعلاقاتك مهما تنوعت ،
ومهما تعددت ، ومهما كثرت فلا تزيد على هذه الأبواب الثلاثة : علاقتك
بالله ، وعلاقتك بنفسك ، وعلاقتك بالمجتمع .
أولاً : أيها الإخوة ،
(( اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ )) ، أين أنت ؟ أنت في
مُلك الله ، وأنت في قبضة الله ، وأينما ذهبت ، إلى أي بلد ، أو إلى أي مكان فالله
عز وجل معك ، معك بعلمه، قال تعالى :
[ سورة الحديد : الآية 4]
وقال علماء التفسير :
معية الله العامة تعني علمَه ، إذاً الإنسان في ملك الله ، وفي قبضة الله ، ولن
يخرج عن قدر الله أيُّ إنسان كان حتى لو كان كافراً :
[ سورة العنكبوت : الآية
4]
معنى سبقوا أيْ : إنهم
ليسوا في قبضة الله ، أو أنهم يفعلون ما يشاؤون ، ولا ينالون عقابهم من الله
.
الحقيقة الأولى : أيها
الإخوة يجب أن تؤمن إيماناً قاطعاً أنك في قبضة الله ، وأنك في ملك الله ، وأن الله
سبحانه وتعالى يعلم أحوالك كلها ، إن تكلمت فهو سميع ، وإن سكتَّ فهو عليم ، وإن
تحركت فهو بصير ، إن نطقت بكلام فهو سميع عليم ، وإن سكت وحدثت نفسك فهو عليم بما
في الصدور ، وإن تحركت فالله عز وجل بصير ، حينما تؤمن أن الله معك حيثما كنت ،
حينما تؤمن أن الله يعلم ، وأن الله سيحاسب ، وأن الله سيعاقب فقد حققت الحد الأدنى
من الإيمان .
أيها الإخوة الكرام ، الآية الدقيقة التي تبين أن الله معك دائماً بعلمه
:
[ سورة الحديد : الآية 4]
لكن الله عز وجل
حينما يقول : ] إِنَّ اللهَ مَعَ
الْمُتَّقِينَ [ ،
]
مَعَ الْمُحْسِنِينَ [ ، أي : هذه المعية
الخاصة ، وتعني أنه معكم بحفظه وتأييده ، ونصره وتوفيقه ، و النبي عليه الصلاة
والسلام بيّن أن مرتبة الإحسان تأتي بعد مرتبة الإيمان ، أدنى هذه المراتب
الإسلام ، الخضوع لمنهج الله ، بعدها تأتي مرتبة الإيمان الإقبال على الله ،
والاتصال به ، وبعدها تأتي مرتبة الإحسان ؛ أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن
تراه فإنه يراك .
أيها الإخوة الكرام ، المؤمن الحق لا يتوهم أنه في خلوة :
إذا ما خلوتَ الدهر يوماً فلا
تقل خلوت ولكن قل عليّ رقيب
حينما تشعر أن الله معك
في خلوتك وفي جلوتك ، حينما تحدث نفسك بكلام ، وتعلم أن الله مطلع عليه ، فهو يعلم
السر وأخفى ، يعلم ما تنطق ، ويعلم ما تخفي ، ويعلم ما خفي عنك ، وقد قال بعض
العلماء : علم ما كان ، وعلم ما يكون ، وعلم ما سيكون ، وعلم ما لم يكن لو كان كيف
كان يكون ، كل شيء يخفى عنك يعلمه الله عز وجل ، لذلك قال تعالى
:
[ سورة الشعراء
]
وأنت في خلوتك ، وأنت في
بيتك ، وأنت في متجرك ، وأنت في مكتبك ، وأنت في سفرك ، وأنت في إقامتك ، وأنت في
فرحك ، وأنت في حزنك ، وأنت في أدق العلاقات بينك وبين زوجتك فالله عز وجل
يعلم كل شيء ، حينما تعلم أن الله يعلم تنضبط وتقبل
.
أيها الإخوة
الكرام ، لكن النبي عليه الصلاة والسلام رحمة بنا من قِبل مولانا جل جلاله
يقول : (( إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا
وَسْوَسَتْ أَوْ حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ أَوْ تَكَلَّمْ
)) .
[متفق عليه عن أبي
هريرة]
أي الخواطر ، والحديث الداخلي
هذا لا نؤاخذ به إلا إذا انقلب إلى عمل ، أو إذا انقلب إلى كلام ، فالكلام
من عمل الإنسان ، وحينما تعتقد أن كلامك جزء من عملك ، وأن
(( الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ لَا يَرَى بِهَا
بَأْسًا يَهْوِي بِهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا فِي النَّارِ )) .
[الترمذي عن أبي هريرة]
وأن (( قذفُ محصنةٍ يهدم عمَلَ مئة سنة
)) .
[الفردوس بمأثور الخطاب عن أبي
هريرة]
حينما تعتقد أن كلامك من عملك عندئذ ينضبط
لسانك ، و لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه
، إذاً الخواطر التي تتأتى للإنسان أو خطرات النفس أو الحديث الداخلي هذا لا نحاسب
عليه ما لم ينقلب إلى كلام و هو عمل من أعمال اللسان أو إلى سلوك من أفعال الجوارح
.
ولكن أيها الإخوة ، هذه الوساوس والخطرات إن
لم نعبأ بها ، ولم نلقِ لها بالاً قد تتحول إلى همة ، والهمة إلى عزم ، والعزم إلى
إرادة ، والإرادة إلى فعل ، هنا المشكلة ، لا نحاسب عليها ، لكن ينبغي أن نكافحها ،
فإذا كان هذا الخاطر من أبواب العمليات انقلب الخاطر إلى معصية ، من خاطرة إلى فكرة
، إلى همة ، إلى عزيمة ، إلى إرادة ، إلى فعل ، وأما إن كانت هذه الخواطر من باب
الاعتقاديات ، فمن خاطرة ، إلى فكرة ، إلى همة ، إلى عزيمة ، إلى شبهة ، إلى كفر ،
إلى مروق من الدين ، فالأفكار التي لا ترضي الله عز وجل ينبغي أن تكافحها ، مع أنك
لست محاسباً عليها ، لكنها إذا تفاقمت انقلبت إلى عمل ، أو انقلبت إلى شرك ، أو
انقلبت إلى مروق من الدين .
أيها الإخوة الكرام ، يقول الله عز وجل
:
[ سورة الإسراء : الآية
36]
ما يصل إلى سمعك يجب أن تدقق فيه ، ما يصل
إلى بصرك ينبغي أن تدقق فيه ، لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول : (( ... مَا
يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا
أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ
بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا ، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا ...
)) .
[ البخاري عن أبي هريرة ]
أي لا يترك إلا إلى خير
، ولا يبطش إلا بالحق ، ولا يسمع إلا كلاماً متوافقاً مع منهج الله ، ولا يقبل غير
ذلك ، ولا يرى إلا بنور الله .
أيها الإخوة الكرام ،
[ سورة الإسراء : الآية
36]
(( اتَّقِ اللَّهِ
حَيْثُمَا كُنْتَ )) ، المعنى الآخر : في أي مكان كنت ، في بلدك ،
بين أهلك ، وعليك رقباء كثُر ، أو في السفر حيث لا رقيب ،
وتفعل ما تريد ، (( اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ
)) ، وكثير من البلاد التي تجبر رعاياها على الصلاة إذا سافروا إلا
بلاد بعيدة تركوا الصلاة ، وارتكبوا الموبقات ، هذا ليس ديناً ،
(( اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ )) ، في خلوتك ، في جلوتك
، في إقبال الدنيا ، في إدبارها ، في بلدك ، في بلد بعيد ، في أي مكان كنت ينبغي أن
تتقي الله .
وبعض العلماء أضاف إلى
هذا المعنى : وفي أيّ مكانة كنت ، في أيّ مكان ، وفي أيّ مكانة ، في مكان عال ، في
مرتبة عالية ، أنت يمكن أن تكون في الأرض اتق الله ، أنت غني اتق الله ، أنت قوي اتق الله ، أنت في
موسم التوجيه والإرشاد اتق الله ، في أي مكان كنت ، وفي أيّ مكانة كنت ،
لأن الآية الكريمة :
[ سورة البقرة : الآية
148]
فما تزال سهـــام الموت نافذة في
جنــب مدّرع منها و مـتّرس
أراك لست بوقـــاف ولا
حذر كالحاطب الخابط الأعواد في الغلس
ترجو النجاة ولـم تسلك
مسالكها إن السفينـة لا تمشي على
اليـبس
أيها الإخوة الكرام ، من علامة الإيمان أنه يشعر أن الله معه دائماً في أي مكان ، وفي أية
مكانة ، أحياناً القوة تنسي الخوف من الله ، أحياناً كثرة المال تنسي الالتزام
بالمنهج ، فإن كنت غنياً أو قوياً أو في موضع تتجه أبصار الناس إليك ، أو
إذا كنت فقيراً أو ضعيفاً أو مريضاً ، أو إذا كنت في بلدك أو في غير بلدك ، حيثما
كنت اتق الله حيثما كنت .
أيها الإخوة الكرام ، القاعدة
الثانية في هذه الوصية الثمينة : (( وَأَتْبِعْ السَّيِّئَةَ
الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا )) .
أيها الإخوة الكرام ، أودع الله فينا الشهوات لنرقى بها تارة صابرين ، وتارة شاكرين
إلى رب الأرض والسماوات ، هذه الشهوات أيها الإخوة حيادية ، يمكن أن تتحرك
من خلالها مئة وثمانين درجة ، لكن منهج الله عز وجل حدد لك الحركة ، فأيّ
شهوة أودعت في الإنسان لا يستطيع المؤمن أن يمارسها إلا وفق منهج الله ،
بدليل قوله تعالى :
[ سورة القصص : الآية
50]
إذاً المعنى المخالف :
إنك لو اتبعت هواك وفق هدى الله عز وجل فلا شيء عليك ، إذا هذه الشهوات
حيادية ، إما أن تكون سلماً نرقى به ، أو دركات نهوي بها
.
الآية الكريمة أيها
الإخوة :
[ سورة آل عمران : الآية
14]
لكن أيها الإخوة الكرام
، الإنسان ساعة وساعة ، فهناك ساعة تألق ، وفي ساعة فتور، ويخشى في
ساعة الفتور أن تزل قدمه ، لذلك عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ ،
وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ )) .
[ الترمذي ، ابن ماجه ،
أحمد ، الدارمي ]
فالمعصوم هو رسول الله
e
، لكن أولياء الله محفوظون ، بمعنى أن المعصية لا تضرهم ،
لأنهم سريعو التوبة ، يتراجعون فوراً ، يتوبون إلى الله فوراً ، لذلك
الأنبياء معصومون ، والأولياء محفوظون ، لأنهم يعرفون طريق التوبة
سريعاً ، والمؤمن تواب ، أي: كثير التوبة .
لذلك أيها الإخوة الكرام
، الإنسان إذا زلت قدمه لابد من أن يتوب ، وقد أخبرنا الله عز وجل ،
وهذه بشارة للمؤمنين حيث يقول :
[ سورة الأنفال : الآية
33]
مادام منهج الله مطبقاً
في حياتهم ، مطبقاً في بيوتهم ، مطبقاً في تربية أولادهم ، في كسب أموالهم ، في
اختيار زوجاتهم ، في حركتهم في الحياة ، في عطائهم ، في منعهم ، في غضبهم ، في
رضاهم ، مادامت سنة النبي e مطبقة في حياة
المسلمين فهم في بحبوحة ، وفي مأمن من عذاب الله ، لكن رحمة الله عز وجل
تقتضي أنك إذا أخطأت ، وندمت ، واستغفرت فأنت في بحبوحة أخرى
:
[ سورة الأنفال : الآية
33]
إذاً : ((
وَأَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا )) ، الإنسان إذا
أذنب ينبغي أن يستغفر ، وإذا أذنب ينبغي أن يتوب ، وإذا أذنب ينبغي أن يتبع السيئة
الحسنة ، ولكن أيها الإخوة التوبة الأولى من الذنب هينة جداً ، لكن حينما تقع في
الذنب مرة ثانية تشعر أن حجاباً نشأ بينك وبين الله ، فلابد من التوبة
والاستغفار ، وأن تضيف إلى التوبة والاستغفار عملاً صالحاً يرمم الخلل الذي
نتج عن هذه المعصية .
لذلك : ((
وَأَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا )) ، بمعنى أنك حينما
تشعر أنك عدت إلى الذنب مرة ثانية ، وأنه نشأ بينك وبين الله حجاب فلا تكفي
أن تعيد التوبة مرة ثانية ، ينبغي أن تضيف إلى التوبة حسنة ترمم هذا الخطأ
.
فالإنسان قد ينفق من
ماله صدقة يرمم بها سيئة ، وقد يصوم صياماً نفلاً يرمم بهذا الصوم سيئة ، وهذا معنى
قول النبي e : ((
وَأَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا )) ، لأن الله عز وجل
يقول :
[ سورة هود : الآية
114]
أن : (( كُلُّ
ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ
التَّوَّابُونَ )) ، إذاً باب التوبة
مفتوح على مصراعيه ، بل إن الله عز وجل يقول :
[ سورة النساء : الآية
27]
الفقرة الثانية في
الحديث أيها الإخوة تعني أنك تراقب نفسك ، أنك تتعاهد قلبك ، أنك تتأمل وضعك مع
الله عز وجل ، هل هناك حجاب ؟ هل الطريق إلى الله سالك ؟ هل إقبالك على الله
جيد ؟ هل صلاتك تنعقد صحيحة مع الله عز وجل ؟ هل تشعر أنه بينك وبين الله
حجاب ؟ الفقرة الثانية في الوصية ينبغي أن تتعاهد قلبك ، لا أن تهمل هذا القلب ،
لأن الله عز وجل يقول :
[ سورة الشعراء
]
قال العلماء : القلب السليم هو القلب
الذي سلم من شهوة لا ترضي الله ، والقلب السليم هو القلب الذي سلم من عقيدة تتناقض
مع وحي الله ، والقلب السليم هو القلب الذي سلم من تحكيم غير شرع الله ، والقلب
السليم هو القلب الذي سلم من عبادة غير الله :
[ سورة الشعراء
]
الفكرة الأولى في الوصية
الشريفة أن تعبد الله ، وأن تتقي الله عز وجل حيثما كنت ، في أي مكان ، وفي
أيّ مكانة .
الفقرة الثانية من
الوصية ، وأن تتعاهد قلبك ، أن تتأمل هل أنت مقبل أم مدبر ؟ هل أنت متصل أم منقطع ؟
هل الطريق إلى الله سالك أم مقطوع ؟ هل تشعر أنك في رضا الله تتحرك أم في سخط الله
تمشي ؟ هذه الحقيقة الثانية ماذا تعمل من أجلها ؟ ، ((
وَأَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا )) ، لعلك أخطأت ،
لعله زلت قدمك ، لعله انحرفت مسيرتك ، فلابد من أن تصحو قبل فوات الأوان ، لذلك قال
بعض التابعين : " التقيت مع أربعين صحابياً ما منهم واحد إلا ويظن أنه منافق " ، من
شدة محاسبته لنفسه ، بل إن بعضهم يقول : " المؤمن يتقلب في اليوم الواحد بين أربعين
حالاً ، بينما المنافق يستقر على حال واحد أربعين سنة " ، لأنه لا يعتني بقلبه ،
ولا يهتم بصلته ، ولا يدقق في سلوكه ، فهو ساهٍ لاهٍ في غفلة
.
أيها الإخوة الكرام ، القاعدة الأولى : (( اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ
)) ، علاقتك بالله .
والقاعدة الثانية :
(( وَأَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا )) ، هذه
علاقتك مع نفسك .
والقاعدة الثالثة :
(( وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ ))
.
أيها الإخوة الكرام ، إن هناك تلازماً ضرورياً بين التدين الصحيح والخلق القويم ، و النبي
عليه الصلاة والسلام حدد الغاية الأولى من بعثته ، والمنهج الأمثل
لدعوته فقال : (( … وَإِنَّمَا بُعِثْتُ مُعَلِّمًا ))
.
[ابن ماجه والدارمي عن
عبد الله بن عمرو]
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e : ((
إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ ))
.
[مسند
أحمد]
هذا الدين العظيم ضغطه
النبي بالخلُق الحسن ، إنما بعثت هذه البعثة المحمدية ، هذه الرسالة الخاتمة ،
لأتمم مكارم الأخلاق .
أيها الإخوة الكرام ، وهو أيضاً بعث معلماً ، لذلك قال عليه الصلاة و السلام :
(( علموا ، ولا تعنِّفوا ، فإن المعلِّمَ خيرٌ من المعنِّفِ
)) .
[الفردوس بمأثور الخطاب
عن أبي هريرة]
والآيات تؤكد هذه
الحقيقة :
[ سورة
الماعون]
هذا التلازم بين التدين
الصحيح والخلق القويم :
[ سورة القصص : الآية
50]
أيها الإخوة الكرام ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : مَا
خَطَبَنَا نَبِيُّ اللَّهِ e إِلَّا قَالَ
: (( لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ ...
)) .
[ أحمد
]
هذا تلازم أيضاً بين الخلق القويم والإيمان الصحيح ،
وفي حديث آخر : (( الإيمان والحياء قُرِنا جميعاً ، فإذا
رُفِع أحدهما رُفِع الآخر )) .
[أخرجه الحاكم في
المستدرك ، وقال : هذا حديث صحيح على شرطهما ، فقد احتجا برواته ، ولم يخرجاه بهذا
اللفظ ]
الإيمان أيها الإخوة
أساس الفضائل ، ولجام الرذائل ، وقوام الضمائر .
أيها الإخوة الكرام ، سأروي لكم عدداً من أحاديث رسول الله e الصحيحة التي تتحدث
عن الخلق وعلاقته بالإيمان .
عَن جَابِرِ بْنِ
سَمُرَةَ قَالَ : كُنْتُ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ وَأَبِي سَمُرَةُ جَالِسٌ أَمَامِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
e
: (( ... إِنَّ أَحْسَنَ النَّاسِ إِسْلَامًا
أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا )) .
[ أحمد
]
أكمل الناس إيماناً
أحسنهم خلقاً ، قمة الإسلام أن تكون ذا خلق ، وقمة الإيمان أن تكون ذا خلق ، وإن من
أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خلقاً ، العبد الذي يحبه الله عز وجل
أكثر من غيره هو الحسن في أخلاقه ، وأن من أقرب المؤمنين مجلساً من
رسول الله e يوم القيامة أحسنهم
خلقاً ، أقرب إنسان يوم القيامة من رسول الله أحسنهم خلقاً ، أكمل المسلمين إسلاماً
أحسنهم خلقاً ، أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً ، وأن خير ما أعطي الإنسان خُلق
حسن ، أكبر عطاء يناله إنسان من الله الخلق الحسن .
وعَنْ أَبِي
الدَّرْدَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ e قَالَ : ((
مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ
حَسَنٍ ... )) .
[ الترمذي ، أبو داود ،
أحمد ]
أوزن شيء في ميزان
الحسنات والسيئات الخلق الحسن .
وعَنْ عَائِشَةَ
رَحِمَهَا اللَّهُ قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ e يَقُولُ : ((
إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ
)) .
[ أبو داود ، أحمد
]
صائم في النهار ، قائم
في الليل ، عبادة شاقة تحصل مثيلها بالخلق الحسن ، بل إن العبد ليبلغ بحسن خلقه
عظيم درجات الآخرة ، درجات الآخرة ينال أعلاها من كان ذا خلق حسن ، والخلق الحسن
يذيب الخطايا كما يذيب الماء الجليد ، والخلق السوء يفسد العمل كما يفسد الخل العسل
.
أيها الإخوة الكرام ، ورد في
صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ e قَالَ :
(( هَلْ تَدْرُونَ مَنْ الْمُفْلِسُ ؟ قَالُوا : الْمُفْلِسُ فِينَا يَا
رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ ، وَلَا مَتَاعَ ، قَالَ : إِنَّ
الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصِيَامٍ وَصَلَاةٍ
وَزَكَاةٍ ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ عِرْضَ هَذَا ، وَقَذَفَ هَذَا ، وَأَكَلَ مَالَ
هَذَا ، فَيُقْعَدُ فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ
، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْخَطَايَا
أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ ، فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ
)) .
[مسلم]
ما قولكم ؟ هذا حديث في
صحيح مسلم ، فلذلك أيها الإخوة ورد أيضاً عن عَنْ ثَوْبَانَ عَنْ النَّبِيِّ
e
أَنَّهُ قَالَ : (( لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي
يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا ،
فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا ، قَالَ ثَوْبَانُ : يَا
رَسُولَ اللَّهِ ، صِفْهُمْ لَنَا ، جَلِّهِمْ لَنَا ، أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ ،
وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ ، قَالَ : أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ ، وَمِنْ
جِلْدَتِكُمْ ، وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ ، وَلَكِنَّهُمْ
أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا ))
.
[ ابن ماجه
]
يجب أن تؤمنوا أن الذي يقوله النبي عليه
الصلاة والسلام حق مطلق ، لأنه لا ينطق عن الهوى
.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ e قَالَ : ((
عُذِّبَتْ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا ، فَدَخَلَتْ
فِيهَا النَّارَ ، قَالَ : فَقَالَ : وَاللَّهُ أَعْلَمُ : لَا أَنْتِ
أَطْعَمْتِهَا ، وَلَا سَقَيْتِهَا حِينَ حَبَسْتِيهَا ، وَلَا أَنْتِ
أَرْسَلْتِهَا فَأَكَلَتْ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ ))
.
[ البخاري ، مسلم ، الدارمي
]
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ
رَجُلٌ : (( يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ
كَثْرَةِ صَلَاتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا ، غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي
جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا ، قَالَ : هِيَ فِي النَّارِ ، قَالَ : يَا رَسُولَ
اللَّهِ فَإِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا
وَصَلَاتِهَا ، وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنْ الْأَقِطِ ، وَلَا
تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا ، قَالَ : هِيَ فِي الْجَنَّةِ ))
.
[مسند
أحمد]
أرأيتم من خلال هذه الآيات والأحاديث
إلى مكانة الخلق في الإسلام ؟ قال بعض العلماء : " الإيمان هو الخلق ، ومن زاد عليك
في الخلق زاد عليك في الإيمان " .
الذي يجذب الناس إلى الدين الخلق
الحسن ، الحكمة ، الرحمة ، التواضع ، اللطف ، الإيثار، الإنصاف ، الورع ، وركعتان
من ورع خير من ألف ركعة من مخلط .
أيها الإخوة الكرام : (( اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ )) ، في أيّ مكانة ، وفي أيّ مكان ، وفي أيّ حال ، في الفقر وفي الغنى ،
في القوة وفي الضعف ، في مرتبة علمية عالية ومرتبة علمية متدنية ، في إقبال الدنيا
وفي إدبارها ، (( اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ )) ، أيْ : أطع الله ،
طبق منهج الله عز وجل ، كلما سألني أحد الإخوة الكرام أن أنصحه ، وهو مقبل
على السفر أقول له نصيحة واحدة ، ليس عندي غيرها : أطع الله عز وجل ، ((
اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ )) ، هذه علاقتك بالله ، ((
وَأَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا )) ، إذا زلت
قدمك ، وأخطأت فبادر إلى التوبة ، فإن رأيت التوبة لا تستطيع أن تعيدك إلى ما كنت
عليه لأنك وقعت في الذنب مرة أو مرتين فأتبع السيئة الحسنة تمحها
.
صابون الذنوب التوبة
والاستغفار والحسنات ، وتشعر أنك عدت إلى ما كنت ، وهذا الخلل رمِّم ، وهذا الشرخ
الذي في علاقتك مع الله صُحِّح .
أيها الإخوة الكرام ، شيء آخر ، أن هذا المنهج العظيم لو حمله رجال غلاظ في إلقائهم
للعلم ، أو في معاملتهم للناس لنفر الناس منهم ، بدليل أن سيد الخلق ، وحبيب الحق
المعصوم ، سيد ولد آدم الذي أوتي المعجزات ، أوتي الوحي ، مع كل هذه الخصائص ، قمة
في الكمال ، قمة في الفصاحة ، قمة في كل شيء ، قال الله له أنت بالذات يا محمد
:
[ سورة آل عمران : الآية
159]
ولو كنت فظاً مع أنه
يوحى إليك ، ولو كنت فظاً مع أنك تملك المعجزات ، ولو كنت فظاً مع أنك فصيح اللسان
:
[ سورة آل عمران : الآية
159]
أيها الإخوة الكرام ، المؤمنون ملكوا القلوب بكمالهم ، والأقوياء ملكوا الرقاب بقوتهم،
وشتان بين أن تملك الرقاب وبين أن تملك القلوب .
الأنبياء مضى على
انتقالهم إلى الرفيق الأعلى آلاف السنين ، وكلما ذكر النبي عليه الصلاة والسلام
اضطرب القلب محبة له ، لأنه ملك القلوب ، والأقوياء وهم بين ظهراني أمتهم
ملكوا الرقاب ، ولكن القلوب معرضة عنهم ، فالبطولة أن تملك القلوب ،
لا أن تملك الرقاب ، والناس جميعاً أتباع نبي أو قوي ، فالذي يتبع النبي عليه
الصلاة والسلام سلاحه الكمال واللطف والتواضع والإنصاف والعدل والرحمة والإخلاص ،
والذي يملك قوة سلاحه قوته .
أيها الإخوة الكرام ، كان عليه الصلاة والسلام أرأف الناس بالناس ، كان قدوة لكل
المؤمنين :
[ سورة الأحزاب : الآية
21]
أيها الإخوة الكرام ، حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، و زنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم
، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا ، وسيتخطى غيرنا إلينا ، فلنتخذ حذرنا،
الكيس من دان نفسه ، وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها ، وتمنى على
الله الأماني ، والحمد لله رب العالمين .
* *
*
الحمد لله رب العالمين ،
و أشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله ،
صاحب الخلق العظيم ، اللهم صلِ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
.
أيها الإخوة الكرام ،
الذي يجذب الناس إلى الدين خلق المؤمن ، قد لا يجذبهم فكر المؤمن ، ولا طرح فكرة
عميقة دقيقة ، هذا شيء جيد ، ولكن الذي يجعل قلوبهم تميل إلى المؤمنين أخلاق
المؤمنين ، لذلك النبي عليه الصلاة والسلام تمتع بقدرات هائلة ، كان يحفظ
القرآن من قراءة واحدة :
[ سورة الأعلى : الآية
6]
أوتي فصاحة ما بعدها
فصاحة ، أوتي حكمة ما بعدها حكمة ، و لكن الله حينما أثنى عليه أثنى على خلقه فقال
:
[ سورة القلم : الآية
4]
لأن الخلق كسبي ، القدرات الخاصة التي متعك
الله بها هذه من عند الله ، ولا فضل لك بها ، ولكن
الخلق الحسن من كسب الإنسان ، أي بشكل أو بآخر لا يعقل أن يمنح الأب ابنه سيارة
، ثم يقيم له حفل تكريم لهذه المركبة ، هذه من عند الأب ، لكن
سهل جداً أن يقام للابن حفل تكريم لنيله الدرجة الأولى في امتحان معين ، هذا
من كسبه ، من جهده ، لذلك الذي يرقى بك عند الله الخلق الحسن ، وهو أفعل في
النفوس من فعل السحر ، لأن الصحابة الكرام التفوا حول النبي بسبب كماله ،
والدليل :
[ سورة آل عمران : الآية
159]
أي باتصالك بالله استقرت الرحمة في قلبك
، فانعكست ليناً ، فسبب اللين التفاف الناس حولك
، ولو كنت منقطعاً عن الله لامتلأ القلب قسوة ، ف انعكست القسوة غلظة
، ولانفض الناس من حولك ، اتصال ، رحمة ، لين ، التفاف
، انقطاع ، قسوة ، غلظة ، انفضاض
:
[ سورة آل عمران : الآية
159]
اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن
عافيت ، وتولنا فيمن توليت ، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت ،
فإنك تقضي بالحق ، ولا يقضى عليك ، وإنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت ،
تباركت ربنا وتعاليت ، ولك الحمد على ما قضيت ، نستغفرك و نتوب إليك ، اللهم اهدنا
لصالح الأعمال لا يهدي لصالحها إلا أنت ، اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي
لأحسنها إلا أنت ، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا
التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من
كل خير ، واجعل الموت راحة لنا من كل شر ، مولانا رب العالمين ، اللهم اكفنا بحلالك
عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك ، اللهم لا تؤمنا مكرك ، ولا تهتك
عنا سترك ، ولا تنسنا ذكرك يا رب العالمين ، اللهم بفضلك ورحمتك أعل كلمة الحق
والدين، وانصر الإسلام ، وأعز المسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، أذل أعداءك أعداء
الدين يا رب العالمين ، شتت شملهم ، فرق جمعهم ، خالف فيما بينهم ، اجعل الدائرة
تدور عليهم يا رب العالمين ، اللهم أرنا قدرتك بتدميرهم كما أريتنا قدرتهم في
تدميرنا يا رب العالمين ، إنك سميع قريب مجيب الدعاء
.
الحمد لله رب
العالمين