التبرج محرم والمتبرجة تكسب إثمين إثم مخالفة لأمر الله وإثم من تفتنه بالنظر إلى محاسنها لأنها كانت سببا في الفتنة ومعلوم أن فتنة النظر هي أول طريق الفاحشة ولهذا أمر الله تعالى النساء بالحجاب وحرم التبرج قال سبحانه وتعالى: {ينسآء النّبيّ لستنّ كأحد مّن النّسآء إن اتّقيتنّ فلا تخضعن بالقول فيطمع الّذي في قلبه مرض وقلن قولا مّعروفا. وقرن في بيوتكنّ ولا تبرّجن تبرّج الجاهليّة الأولى وأقمن الصّلاة وآتين الزّكاة وأطعن اللّه ورسوله}الآية.
قال العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز: نهى سبحانه في هذه الآية نساء النبي الكريم أمهات المؤمنين وهن من خير النساء وأطهرهن عن الخضوع بالقول للرجال وهو تليين القول وترقيقه لئلا يطمع فيهن من في قلبه مرض شهوة الزنا ويظن أنهن يوافقنه على ذلك وأمر بلزومهن البيوت ونهاهن عن تبرج الجاهلية وهو إظهار الزينة والمحاسن كالرأس والوجه والعنق والصدر والذراع والساق ونحو ذلك من الزينة لما في ذلك من الفساد العظيم والفتنة الكبيرة وتحريك قلوب الرجال إلى تعاطي أسباب الزنا وإذا كان الله سبحانه يحذر أمهات المؤمنين من هذه الأشياء المنكرة مع صلاحهن وإيمانهن وطهارتهن فغيرهن أولى وأولى بالتحذير والإنكار والخوف عليهن من أسباب الفتنة عصمنا الله وجميع المسلمين من مضلات الفتن. ويدل على عموم الحكم لهن ولغيرهن قوله سبحانه في هذه الآية {وأقمن الصّلاة وآتين الزّكاة وأطعن اللّه ورسوله} فإن هذه الأوامر أحكام عامة لنساء النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن. وقال عز وجل: {وإذا سألتموهنّ متاعا فاسألوهنّ من ورآء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهنّ} فهذه الآية الكريمة نص واضح في وجوب تحجب النساء عن الرجال وتسترهن منهم وقد أوضح الله سبحانه في هذه الآية أن التحجب أطهر لقلوب الرجال والنساء وأبعد عن الفاحشة وأسبابها وأشار سبحانه إلى أن السفور وعدم التحجب خبث ونجاسة وأن التحجب طهارة وسلامة.
وقال سبحانه وتعالى: {يأيّها النّبيّ قل لأزواجك وبناتك ونسآء المؤمنين يدنين عليهنّ من جلابيبهنّ ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان اللّه غفورا رّحيما} والجلابيب جمع جلباب هو ما تضعه المرأة على رأسها وبدنها فوق الثياب للتحجب والتستر به أمر الله سبحانه جميع نساء المؤمنين بإدناء جلابيبهن على محاسنهن من الشعور والوجه وغير ذلك حتى يعرفن بالعفة فلا يفتتن ولا يفتن غيرهن فيؤذيهن.
والله أعلم.