المختصون: هذه التقنية "وهم" ومضارها الصحية قد تكون وخيمة
بعد التقدم العلمي الذي أحرزه ميدان الإنجاب والإخصاب في السنوات الأخيرة، أضحى اختيار جنس المولود موضة انتشرت مؤخرا بين أوساط النساء الراغبات في الولد أو البنت، بالاعتماد على حميات غذائية معينة ذاع صيتها في الإنترنت وعزز من انتشارها بعض أطباء النساء والتوليد في الجزائر، بيد أن الكثير من المختصين أكدوا أن هذه الحميات لا أساس لها من الصحة وأنها "وهم" قد يتسبب في متاعب صحية للأم لا تٌحمد عقباها.
يزيد الإقبال في الجزائر في الآونة الأخيرة على برامج تغذية يقال إنها تساعد في ترجيح جنس المولود، خاصة من قبل "أمهات البنات" اللواتي لا يتوانين في البحث عن أي وسيلة لإنجاب الولد وتجريبها حتى وإن كانت واهية، وإن حدث وصدقت هذه الوسيلة أو تلك روجن لها بين أوساط النساء فتقبل عليها نساء أخريات في الظرف نفسه ويطبقنها حتى دون استشارة الأخصائي ودون مراعاة المعطيات الصحية لكل سيدة، وهو ما قد ينجر عنه مشاكل صحية على الأم وحتى على جنينها.
المملحات من أجل "الولد".. والحليب ومشتقاته لإنجاب "البنت"
تدّعي هذه الحميات الغذائية التي يروج لها أطباء في الغرب يقدّرون نجاحها بنسبة تقارب 80 بالمائة أنه بالإمكان تحديد جنس المولود بوسائل طبيعية تشمل غذاء المرأة الذي له تأثير كبير في عملية اختيار جنس المولود، من خلال تأثير الغذاء على المستقبلات التي ترتبط بها الحيوانات المنوية في جدار البويضة وخاصة عناصر الصوديوم والبوتاسيوم مقابل الكالسيوم والمغنيسيوم، مما يؤدي إلى حدوث تغييرات على مركبات الجدار والذي بدوره يؤثر على انجذاب الحيوانات المنوية الذكرية أو الأنثوية.
وتوضح الدراسات العلمية المرتبطة بهذه الحميات أن زيادة نسبة الصوديوم والبوتاسيوم في الغذاء، وانخفاض نسبة الكالسيوم والمغنيسيوم يسبب تغييرات على جدار البويضة لجذب الحيوان المنوي الذكري فتكون نتيجة التلقيح ذكرا، والعكس صحيح، أي إذا زادت نسبة الكالسيوم والمغنيسيوم في الدم، وانخفضت نسبة الصوديوم والبوتاسيوم، ينجذب الحيوان المنوي الحامل للكروموسوم الأنثوي وتكون نتيجة الحمل أنثى.
ولإتباع هذه الطريقة، ينصح الباحثون السيدات بإتباع حمية غذائية لمدة زمنية لا تقل عن الشهرين، تدعم بها المخزون الغذائي الذي يشجع الجنس المرغوب به، وإن كانت الكثير من السيدات اللواتي التزمن بتطبيقها اشتكين من صعوبتها خاصة بترجيح مأكولات على أخرى.
وحسب هذه الطريقة، فإن النظام الغذائي الواجب إتباعه لإنجاب ذكر يمنع تناول الحليب بكافة أنواعه ومشتقاته من ألبان وأجبان، ويسمح بتناول اللحوم والأسماك مهما كانت الكمية. وبالنسبة إلى البيض، فصفاره ممنوع تماما، أما البياض فمسموح. والخضر والفواكه مسموح بها باستثناء السلق، البقدونس، الثوم، الفاصوليا الخضراء، الصبار والفراولة والتوت البري، ويحبذ بقوة تناول الباذنجان، الفطر، الملفوف، البطاطا، الطماطم، المشمش، الأناناس، الموز، البطيخ، التفاح، الأجاص، الخوخ.
أما النظام الغذائي الواجب إتباعه لإنجاب بنت، فيمنع على السيدة تناول الملح بكافة أشكاله، وينصح بتناول الألبان والحليب والأجبان غير المملحة والاعتدال في تناول اللحوم والأسماك بحيث لا تتجاوز كميتها 120 غرام وأن لا تكون مملحة. كما ينصح بالاكثار من تناول الخضر ذات اللون الأخضر على غرار السلق والبقدونس والملفوف خاصة الأخضر والثوم والفاصوليا الخضراء. أما الحبوب فممنوعة كلها.
اختيار جنس المولود.. بين الحقيقة والخيال
تتباين الشهادات التي استقيناها من نساء جرّبن هذه الأنظمة الغذائية بين النجاح والإخفاق، وفي حين تؤكد بعضهن أن هذه الطريقة فعالة وساعدتهن في الحصول على جنس المولود المرغوب فيه، ترفض أخريات الاعتراف بفعاليتها وتؤكد أن الله وحده هو الرازق والعالم بما في الأرحام.
سيدة في أواخر الثلاثين من العمر تظن أن الولد الذي رزقت به قبل سنتين على رأس بنتين فضله يعود، بعد الله تعالى، إلى الحمية الغذائية التي اتبعتها. وفي هذا الشأن تقول: "أنا بطبعي لا أحب البنات كثيرا وزوجي الوحيد لدى عائلته كان منذ زواجنا يحلم بولد يحمل اسمه واسم عائلته، فلم يكن مني بعد ان رزقت ببنتين إلا أن أسعى في المرة الثالثة إلى تجريب كل الوسائل من أجل الولد، خاصة وأن وضعيتي الصحية لا تسمح بإنجاب الكثير من الأولاد. وبالفعل سمعت من جارتي أن هناك ريجيما غذائيا معين يتم تطبيقه لمدة شهرين أو ثلاثة قبل الحمل من شأنه تحقيق الحلم، وبالفعل تفانيت في تطبيقه مع أنه كان صعبا للغاية خاصة بالنسبة للأملاح التي يجب الأكثار منهاا مع أنني تعودت طيلة حياتي على "المسوس" ومُنع علي تناول الالبان ومشتقاتها طيلة تلك المدة مع أنني أعشقها.. لكن كل شيء يهون من اجل عيون الولد.. وكم كانت فرحتي عارمة عندما علمت أنني حامل بولي العهد. ومنذ ذلك الحين وأنا انصح كل سيدة ترغب في الأولاد الذكور باتباع الحمية... فهي في نظري ناجحة 100 بالمائة".
وبالمقابل، تفند سيدة أخرى فعالية هذه الطريقة بعد أن جربتها مرتين وأخفقت في كلتيهما. "رزقني الله بثلاث وكنت راضية أنا وزوجي بهذه النعمة، لكن المجتمع والأقارب كانوا ينظرون إلينا بعين الشفقة ويتهمونني بالعجز في إنجاب الذكر. سمعت عن هذه الحمية وتوجهت إلى طبيبتي فأكدت أن نسبة نجاحها كبيرة، وبالفعل طبّقتها لكن النتيجة كانت بنت رابعة. أصبت بالإحباط وقررت أن لا أثق بأحد بعد الآن وأن أرضى بقدري، لكن الناس يوسوسون دائماو ونصحتني بعض قريباتي بإعادة الكرة مجددا علّني لم أطبّق ذاك النظام الغذائي بحذافيره. وأعدت التجربة فعلا.. لكنها كانت بنت! الله وحده يرزق البنين والبنات.. لكنني أدركت هذه الحقيقة متأخرة".
المختصون: لا توجد تقنية تحدد جنس المولود!
أكد الدكتور يوسف خوجة، أخصائي أمراض النساء والتوليد، عدم فعالية أي وسيلة في تحديد جنس المولود وأن هذا الأمر يعود لمشيئة الله وحده، مضيفا أن اعتقاد بعض النساء بنجاح النظام الغذائي في اختيار جنس مولودهم إنما هو محض الصدفة. وفند المتحدث زعم أصحاب هذه الحميات الغذائية بأن نسبة نجاحها تصل إلى 80 بالمائة.
وإن أكد الدكتور خوجة زيادة إقبال النساء الجزائريات على هذه الطريقة والطلب عليها في السنوات الأخيرة خاصة من قبل أمهات البنات، فقد حذر بالمقابل من عواقب إتباع نظام غذائي يكون غير متوازن وقد يضر بالمرأة الحامل، قائلا "قد تتسبب هذه الحميات في عدم توازن غذائي، خاصة بالنسبة إلى حمية الذكور التي ترتكز على الإكثار من الملح والمملحات، وهو ما قد يضر بالنساء اللواتي يعانين من ارتفاع الضغط، أو قد يتسبب في الإصابة به، كما أن حرمانهن من تناول الحليب ومشتقاته طيلة شهرين أو ثلاثة من شأنه أن يعرّض المرأة إلى الإصابة بنقص الكالسيوم وبالتالي هشاشة العظام.
وعن حقيقة وجود بعض أطباء النساء والتوليد ممن ينصحون مرضاهم بهذه الحميات، أجاب "ربما قد يكون ذلك من باب إرضاء المريضة أو مواساتها، أو ربما من أجل جلب الزبائن، لكن الحقيقة أنهم يبيعون الوهم.. فأنا أعرف أطباء يصفون هذه الوصفات لإنجاب الذكر، مع أن الله رزقهم بالبنات فقط.. فالأولى أن يطبقوا هم تلك الطريقة!".